ولو وخلفهما وخلف مولاه ، فإن قياس قول اشترى المريض ابني عم له بألف ، لا يملك غيره وقيمة كل واحد منهما ألف ، فأعتق أحدهما ، ثم وهبه أخاه ، ثم مات ، إن شاء الله ، أن يعتق ثلثا المعتق ، إلا أن يجيز المولى عتق جميعه ، ثم يرث بثلثيه ثلثي بقية التركة ، فيعتق منه ثمانية أتساعه ، ويبقى تسعه وثلث أخيه للمولى . ويحتمل أن يعتق كله ، ويرث أخاه ، فيعتقان جميعا ، لأنه يصير بالإعتاق وارثا لثلثي التركة ، فتنفذ إجازته في إعتاق باقيه ، [ ص: 107 ] فتكمل له الحرية ، ثم يكمل الميراث له القاضي
وفي قياس قول : يعتق ثلثاه ، ولا يرث ; لأنه لو ورث لكان إعتاق وصية له ، فيبطل إعتاقه ، ثم يبطل إرثه ، فيؤدي توريثه إلى إبطال توريثه . وهذا قول أبي الخطاب ، ويبقى ثلثه وابن العم الآخر للمولى . وقال للشافعي : يعتق ثلثا المعتق ، ويسعى في قيمة ثلثه ، ولا يرث . وقال أبو حنيفة ، أبو يوسف : يعتق كله ، ويعتق عليه أخوه بالهبة ، ويكونان أحق بالميراث من المولى ، فإن كان للميت مال سواهما ، أخذ ذلك المال بالميراث ، ويغرم المعتق لأخيه الموهوب نصف قيمة نفسه ونصف قيمة أخيه ; لأن عتق الأول وصية له ، ولا وصية لوارث . ومحمد
وقد صار وارثا مع أخيه ، فورث نصف قيمة رقبته ، ونصف قيمة أخيه ، وورث أخوه الباقي ، وكان أخوه الموهوب له هبة من المريض له ، فعتق بقرابته منه ، ولم يعتق من المريض ، فلم يكن عتقه وصية ، بل استهلكها بالعتق الذي جرى فيها ، فيغرم الأول نصف قيمته ونصف قيمة أخيه لأخيه . وأما قول ، فإن كان الميت لم يدع وارثا غيرهما عتقا ، وغرم الأول لأخيه نصف قيمة أخيه ، ولم يغرم له نصف قيمة نفسه ; لأنه إذا لم يدع وارثا ، جازت وصيته ; لأنهما لا يرثان ، ولا يعتقان حتى تجوز وصية الأول ، لأنه متى بقيت عليه سعاية ، لم يرث واحد منهما ، ولم يعتق ، فلا بد من أن ينفذ للمعتق وصية ليصير حرا فيعتق أخوه بعتقه ، وقد جازت له الوصية في جميع رقبته أبي حنيفة
; لأن الميت إذا لم يدع وارثا ، جازت وصيته بجميع ماله ، ويرثان جميعا ، ويرجع الثاني على الأول بنصف قيمته ; لأنه يقول : قد صرت أنا وأنت وارثين ، فلا تأخذ من الميراث شيئا دوني ، وقد كانت رقبتي لك وصية وعتقت من قبلك ، فاضمن لي نصف رقبتي . فإن كان معسرا وهناك مال غيرهما ، أخذ الثاني نصفه ، ثم أخذ من النصف الثاني نصف قيمة نفسه ، وكان ما بقي ميراثا لأخيه الأول .