قال : ( 4831 ) مسألة ( وإذا كان ، فللزوج النصف ، وللأم السدس ، وللأخوة من الأم الثلث ، وسقط الإخوة من الأب والأم ) . هذه المسألة تسمى المشركة ، وكذلك كل مسألة اجتمع فيها زوج وأم أو جدة واثنان فصاعدا من ولد الأم وعصبة من ولد الأبوين . وإنما سميت المشركة ; لأن بعض أهل العلم شرك فيها بين ولد الأبوين وولد الأم في فرض ولد الأم ، فقسمه بينهم بالسوية ، وتسمى الحمارية ; لأنه يروى أن زوج وأم وإخوة من أم وإخوة لأب وأم رضي الله عنه أسقط ولد الأبوين ، فقال بعضهم : يا أمير المؤمنين هب أن أبانا كان حمارا أليست أمنا واحدة ؟ فشرك بينهم . ويقال : إن بعض الصحابة قال ذلك فسميت الحمارية لذلك . واختلف أهل العلم فيها قديما وحديثا ، فذهب عمر رضي الله عنه فيها إلى أن للزوج النصف ، وللأم السدس ، وللإخوة من الأم الثلث ، وسقط الإخوة من الأبوين ; لأنهم عصبة وقد تم المال بالفروض . ويروى هذا القول عن أحمد علي ، وابن مسعود وأبي بن كعب ، ، وابن عباس رضي الله عنهم . وبه قال وأبي موسى الشعبي ، والعنبري ، وشريك ، ، وأصحابه رضي الله عنهم وأبو حنيفة ، ويحيى بن آدم ، ونعيم بن حماد ، وأبو ثور وروي عن وابن المنذر ، عمر ، وعثمان ، رضي الله عنهم ، أنهم شركوا بين ولد الأبوين وولد الأم في الثلث ، فقسموه بينهم بالسوية ، للذكر مثل حظ الأنثيين . وبه قال وزيد بن ثابت ، مالك رضي الله عنهما ، والشافعي وإسحاق ; لأنهم ساووا ولد الأم في القرابة التي يرثون بها ، فوجب أن يساووهم في الميراث ; فإنهم جميعا من ولد الأم ، وقرابتهم من جهة الأب إن لم تزدهم قربا واستحقاقا فلا ينبغي أن تسقطهم ; ولهذا قال بعض الصحابة وبعض ولد الأبوين وقد أسقطهم : هب أن أباهم كان حمارا ، فما زادهم ذلك إلا قربا فشرك بينهم . وحرر بعض أصحاب لعمر فيها قياسا ، فقال : فريضته جمعت ولد الأب والأم وولد الأم ، وهم من أهل الميراث فإذا ورث ولد الأم ، وجب أن يرث ولد الأب والأم ، كما لو لم يكن فيها زوج . ولنا ، قول الله تعالى : { الشافعي وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس [ ص: 173 ] فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث } . ولا خلاف في أن المراد بهذه الآية ولد الأم على الخصوص ، فمن شرك بينهم فلم يعط كل واحد منهما السدس ، فهو مخالفة لظاهر القرآن ، ويلزم منه مخالفة ظاهر الآية الأخرى ، وهي قوله : { وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين } . يراد بهذه الآية سائر الإخوة والأخوات ، وهم يسوون بين ذكرهم وأنثاهم . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { } . ومن شرك فلم يلحق الفرائض بأهلها ، ومن جهة المعنى أن ولد الأبوين عصبة لا فرض لهم ، وقد تم المال بالفروض ، فوجب أن يسقطوا ، كما لو كان مكان ولد الأم ابنتان . وقد انعقد الإجماع على أنه لو كان في هذه المسألة واحد من ولد الأم ، ومائة من ولد الأبوين ، لكان للواحد السدس ، وللمائة السدس الباقي ، لكل واحد عشر عشره ، وإذا جاز أن يفضلهم الواحد هذا الفضل كله ، لم لا يجوز لاثنين إسقاطهم ؟ وقولهم : تساووا في قرابة الأم . قلنا : فلم لم يساووهم في الميراث في هذه المسألة ؟ وعلى أنا نقول : إن ساووهم في قرابة الأم فقد فارقوهم في كونهم عصبة من غير ذوي الفروض . وهذا الذي افترقوا فيه هو المقتضي لتقديم ولد الأم ، وتأخير ولد الأبوين . فإن الشرع ورد بتقديم ذوي الفروض ، وتأخير العصبة ، ولذلك يقدم ولد الأم على ولد الأبوين في القدر في المسألة المذكورة وشبهها ، فكذلك يقدم وإن سقط ولد الأبوين كغيره ، ويلزمهم أن يقولوا في زوج وأخت من أبوين وأخت من أب معها أخوها ، إن الأخ يسقط وحده ، فترث أخته السبع ; لأن قرابتها مع وجوده كقرابتها مع عدمه ، وهو لم يحجبها ، فهلا عدوه حمارا ، وورثوها مع وجوده كميراثها مع عدمه ؟ وما ذكروه من القياس طردي لا معنى تحته ، قال ألحقوا الفرائض ، بأهلها ، فما بقي فلأولى رجل ذكر العنبري : القياس ما قال ، والاستحسان ما قال علي . قال عمر الخبري : وهذه وساطة مليحة ، وعبارة صحيحة ، وهو كما قال ، إلا أن الاستحسان المجرد ليس بحجة في الشرع ، فإنه وضع للشرع بالرأي من غير دليل ، ولا يجوز الحكم به لو انفرد عن المعارض ، فكيف وهو في مسألتنا يخالف ظاهر القرآن والسنة والقياس ومن العجب ذهاب إليه هاهنا ، مع تخطئته الذاهبين إليه في غير هذا الموضع ، وقوله : من استحسن فقد شرع . وموافقته الكتاب والسنة أولى . الشافعي