( 6226 ) مسألة قال : ; لأنها قد أتت بالمنكر من القول والزور وجملة ذلك أن المرأة إذا قالت لزوجها : أنت علي كظهر أبي . أو وإذا قالت المرأة لزوجها : أنت علي كظهر أبي . لم تكن مظاهرة ، ولزمتها كفارة الظهار . فليس ذلك بظهار . قال قالت : إن تزوجت فلانا ، فهو علي كظهر أبي : لا تكون مظاهرة ، رواية واحدة . وهذا قول أكثر أهل العلم ; منهم القاضي ، مالك ، والشافعي وإسحاق ، ، وأصحاب الرأي . وقال وأبو ثور الزهري ، والأوزاعي : هو ظهار . وروي ذلك عن الحسن ، ، إلا أن والنخعي قال : إذا قالت ذلك بعدما تزوج ، فليس بشيء . ولعلهم يحتجون بأنها أحد الزوجين ظاهر من الآخر ، فكان مظاهرا كالرجل . النخعي
ولنا قول الله تعالى : { والذين يظاهرون من نسائهم } . فخصهم بذلك ، ولأنه قول يوجب تحريما في الزوجة ، يملك الزوج رفعه ، فاختص به الرجل ، كالطلاق ، ولأن الحل في المرأة حق للرجل ، فلم تملك المرأة إزالته ، كسائر حقوقه . إذا ثبت هذا ، فاختلف عن في الكفارة ، فنقل عنه جماعة : عليها كفارة الظهار . لما روى أحمد ، بإسناده عن الأثرم إبراهيم ، أن قالت : إن تزوجت عائشة بنت طلحة ، فهو علي كظهر أبي . فسألت أهل مصعب بن الزبير المدينة ، فرأوا أن عليها الكفارة . وروى ، عن علي بن مسهر ، قال : كنت جالسا في المسجد ، أنا الشيباني وعبد الله بن مغفل المزني ، فجاء رجل حتى جلس إلينا ، فسألته من أنت ؟ فقال : أنا مولى ، التي أعتقتني عن ظهارها ، خطبها لعائشة بنت طلحة ، فقالت : هو علي كظهر أبي إن تزوجته . ثم رغبت فيه بعد ، فاستفتت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يومئذ كثير ، فأمروها أن تعتق رقبة وتتزوجه ، فأعتقتني وتزوجته . مصعب بن الزبير
وروى سعيد هذين الخبرين مختصرين ، ولأنها زوج أتى بالمنكر من القول والزور ، فلزمه كفارة الظهار كالآخر ، ولأن الواجب كفارة يمين ، فاستوى فيها الزوجان ، كاليمين بالله تعالى . [ ص: 35 ] والرواية الثانية : ليس عليها كفارة . وهو قول ، مالك ، والشافعي وإسحاق ، ; لأنه قول منكر وزور ، وليس بظهار ، فلم يوجب كفارة ، كالسب والقذف . ولأنه قول ليس بظهار ، فلم يوجب كفارة الظهار ، كسائر الأقوال ، أو تحريم مما لا يصح منه الظهار ، فأشبه الظهار من أمته . والرواية الثالثة : عليها كفارة اليمين . قال وأبي ثور : قد ذهب أحمد مذهبا حسنا ، جعله بمنزلة من حرم على نفسه شيئا مثل الطعام وما أشبه . عطاء
وهذا أقيس على مذهب ، وأشبه بأصوله ; لأنه ليس بظهار ، ومجرد القول من المنكر والزور لا يوجب كفارة الظهار ، بدليل سائر الكذب ، والظهار قبل العود ، والظهار من أمته وأم ولده ، ولأنه تحريم لا يثبت التحريم في المحل ، فلم يوجب كفارة الظهار ، كتحريم سائر الحلال . ولأنه ظهار من غير امرأته ، فأشبه الظهار من أمته ، وما روي عن أحمد ، في عتق الرقبة ، فيجوز أن يكون إعتاقها تكفيرا ليمينها ، فإن عتق الرقبة أحد خصال كفارة اليمين ، ويتعين حمله على هذا ; لكون الموجود منها ليس بظهار ، وكلام عائشة بنت طلحة ، في رواية أحمد ، لا يقتضي وجوب كفارة الظهار ، إنما قال : الأحوط أن تكفر . وكذا حكاه الأثرم . ابن المنذر
ولا شك في أن الأحوط التكفير بأغلظ الكفارات ، ليخرج من الخلاف ، ولكن ليس ذلك بواجب عليه ; لأنه ليس بمنصوص عليه ، ولا هو في معنى المنصوص ، وإنما هو تحريم للحلال من غير ظهار ، فأشبه ما لو حرم أمته ، أو طعامه . وهذا قول . والله أعلم . ( 6227 ) فصل : وإذا قلنا بوجوب الكفارة عليها ، فلا تجب عليها حتى يطأها وهي مطاوعة ، فإن طلقها ، أو مات أحدهما قبل وطئها ، أو إكراهها على الوطء ، فلا كفارة عليها ; لأنها يمين ، فلا تجب كفارتها قبل الحنث فيها ، كسائر الأيمان . ولا يجب تقديمها قبل المسيس ، ككفارات سائر الأيمان ، ويجوز تقديمها لذلك ، وعليها تمكين زوجها من وطئها قبل التكفير ; لأنه حق له عليها ، فلا يسقط بيمينها ، ولأنه ليس بظهار ، وإنما هو تحريم لحلال ، فلا يثبت تحريما ، كما لو حرم طعامه . عطاء
وحكي أن ظاهر كلام أبي بكر ، أنها لا تمكنه قبل التكفير ، إلحاقا بالرجل . وليس ذلك بجيد ; لأن الرجل الظهار منه صحيح ، ولا يصح ظهار المرأة ، ولأن الحل حق الرجل ، فملك رفعه ، والحل حق عليها ، فلا تملك إزالته . والله أعلم .