الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6230 ) فصل : وإذا كانت على رجل كفارتان ، فأعتق عنهما عبدين ، لم يخل من أربعة أحوال : أحدها ، أن يقول : أعتقت هذا عن هذه الكفارة ، وهذا عن هذه . فيجزئه ، إجماعا . الثاني ، أن يقول : أعتقت هذا عن إحدى الكفارتين ، وهذا عن الأخرى . من غير تعيين ، فينظر ; فإن كانا من جنس واحد ، ككفارتي ظهار ، أو كفارتي قتل ، أجزأه .

                                                                                                                                            وإن كانتا من جنسين ، ككفارة ظهار ، وكفارة قتل ، خرج على الوجهين في اشتراط تعيين السبب ; إن قلنا : يشترط . لم يجزئه واحد منهما . وإن قلنا : لا يشترط . أجزأه عنهما . الثالث ، أن يقول : أعتقتهما عن الكفارتين . فإن كانتا من جنس واحد أجزأ عنهما ، ويقع كل واحد عن كفارة ، ولأن عرف الشرع والاستعمال إعتاق الرقبة عن الكفارة ، فإذا أطلق ذلك وجب حمله عليه ، وإن كانتا من جنسين ، خرج على الوجهين . الرابع - أن يعتق كل واحدة عنهما جميعا ، فيكون معتقا عن كل واحدة من الكفارتين نصف العبدين ، فينبني ذلك على أصل آخر ، وهو إذا أعتق نصف رقبتين عن كفارة ، هل يجزئه أو لا ؟ فعلى قول الخرقي يجزئه ; لأن الأشقاص بمنزلة الأشخاص ، فيما لا يمنع منه العيب اليسير ، بدليل الزكاة ، فإن من ملك نصف ثمانين شاة ، كان بمنزلة من ملك أربعين ، ولا تلزم الأضحية ، فإنه يمنع منه العيب اليسير .

                                                                                                                                            وقال أبو بكر ، وابن حامد : لا يجزئه . وهو قول مالك ، وأبي حنيفة ; لأن ما أمر بصرفه إلى شخص في الكفارة ، لم يجز تفريقه على اثنين ، كالمد في الإطعام ولأصحاب الشافعي كهذين الوجهين ، ولهم وجه ثالث ، وهو أنه إن كان باقيهما حرا أجزأ ، وإلا فلا ; لأنه متى كان باقيهما حرا ، حصل تكميل الأحكام والتصرف . وخرجه القاضي وجها لنا أيضا ، إلا أن للمعترض عليه أن يقول : إن تكميل الأحكام ما حصل بعتق هذا ، وإنما حصل بانضمامه إلى عتق النصف الآخر ، فلم يجزئه . فإذا قلنا : لا يجزئ . عتق النصفين . لم يجزئ في هذه المسألة عن شيء من الكفارتين . وإن قلنا : يجزئ . وكانت الكفارتان من جنس ، أجزأ العتق عنهما . وإن كانتا من جنسين ، فقد قيل : يخرج على الوجهين .

                                                                                                                                            والصحيح أنه يجزئ وجها واحدا ; لأن عتق النصفين عنهما كعتق عبدين عنهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية