الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6595 ) فصل : ولو قطع يد مسلم فارتد ، ثم مات بسراية الجرح ، لم يجب في النفس قصاص ولا دية ولا كفارة ; لأنها نفس مرتد غير معصوم ولا مضمون ، وكذلك لو قطع يد ذمي فصار حربيا ، ثم مات من جراحه . وأما اليد ، فالصحيح أنه لا قصاص فيها . وذكر القاضي وجها في وجوب القصاص فيها ; لأن القطع استقر حكمه بانقطاع حكم سرايته ، فأشبه ما لو قطع طرفه ثم قتله ، أو جاء آخر فقتله ، وللشافعي في وجوب القصاص قولان .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه قطع هو قتل لم يجب به القتل ، فلم يجب القطع ، كما لو قطع من غير مفصل ، وفارق ما قاسوا عليه ، فإن القطع لم يصر قتلا . وهل تجب دية الطرف ؟ فيه وجهان ; أحدهما : لا ضمان فيه ; لأنه تبين أنه قتل لغير معصوم . والثاني : تجب ; لأن سقوط حكم سراية الجرح لا يسقط ضمانه ، كما لو قطع طرف رجل ، ثم قتله آخر . فعلى هذا ، هل يجب ضمانه بدية المقطوع ، أو بأقل الأمرين من ديته أو دية النفس ؟ فيه وجهان : أحدهما : تجب دية المقطوع ، فلو قطع يديه ورجليه ، ثم ارتد ومات ، ففيه ديتان ; لأن الردة قطعت حكم السراية ، فأشبه انقطاع حكمها باندمالها ، أو بقتل آخر له . والثاني : يجب أقل الأمرين ; لأنه لو لم يرتد لم يجب أكثر من دية النفس ، فمع الردة أولى ; ولأنه قطع صار قتلا ، فلم يجب أكثر من دية ، كما لو لم يرتد ، وفارق أصل الوجه الأول ، فإنه لم يصر قتلا ; ولأن الاندمال والقتل منع وجود السراية ، والردة منعت ضمانها ، ولم تمنع جعلها قتلا . وللشافعي من التفصيل نحو مما قلنا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية