( 6729 ) فصل : سواء كانت حاملا وقت الجناية ، أو حملت بعدها قبل الاستيفاء ، وسواء كان القصاص في النفس أو في الطرف ; أما في النفس فلقول الله تعالى : { ولا يجوز أن يقتص من حامل قبل وضعها ، فلا [ ص: 271 ] يسرف في القتل } . وقتل الحامل قتل لغير القاتل ، فيكون إسرافا . وروى بإسناده عن ابن ماجه ، قال : ثنا عبد الرحمن بن غنم ، معاذ بن جبل ، وأبو عبيدة بن الجراح ، وعبادة بن الصامت ، قالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { وشداد بن أوس } وهذا نص ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قتلت المرأة عمدا ، لم تقتل حتى تضع ما في بطنها إن كانت حاملا ، وحتى تكفل ولدها ، وإن زنت ، لم ترجم حتى تضع ما في بطنها ، وحتى تكفل ولدها للغامدية المقرة بالزنى { } . ولأن هذا إجماع من أهل العلم لا نعلم بينهم فيه اختلافا . : ارجعي حتى تضعي ما في بطنك . ثم قال لها : ارجعي حتى ترضعيه
وأما القصاص في الطرف ، فلأننا منعنا الاستيفاء فيه خشية السراية إلى الجاني ، أو إلى زيادة في حقه ، فلأن تمنع منه خشية السراية إلى غير الجاني ، وتفويت نفس معصومة ، أولى وأحرى ، ولأن في القصاص منها قتلا لغير الجاني ، وهو حرام . وإذا وضعت ، لم تقتل حتى تسقي الولد اللبأ ; لأن الولد لا يعيش إلا به في الغالب ، ثم إن لم يكن للولد من يرضعه ، لم يجز قتلها حتى يجيء أوان فطامه ; لما ذكرنا من الخبرين ، ولأنه لما أخر الاستيفاء لحفظه وهو حمل ، فلأن يؤخر لحفظه بعد وضعه أولى ، إلا أن يكون القصاص فيما دون النفس ، ويكون الغالب بقاءها ، وعدم ضرره بالاستيفاء منها ، فيستوفى .
وإن وجد له مرضعة راتبة ، جاز قتلها ; لأنه يستغني بلبنها ، وإن كانت مترددة ، أو جماعة يتناوبنه ، أو أمكن أن يسقى من لبن شاة أو نحوها ، جاز قتلها . ويستحب للولي تأخيرها ; لما على الولد ، من الضرر ، لاختلاف اللبن عليه ، وشرب لبن البهيمة ( 6730 ) فصل : وإذا ادعت الحمل ، ففيه وجهان ; أحدهما : تحبس حتى يتبين حملها ; لأن للحمل أمارات خفية ، تعلمها من نفسها ، ولا يعلمها غيرها ، فوجب أن يحتاط للحمل ، حتى يتبين انتفاء ما ادعته ، ولأنه أمر يختصها ، فقبل قولها فيه ، كالحيض . والثاني ، ذكره ، أنها ترى أهل الخبرة ، فإن شهدن بحملها أخرت ، وإن شهدن ببراءتها لم تؤخر ; لأن الحق حال عليها ، فلا يؤخر بمجرد دعواها . القاضي