الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6756 ) فصل : فإن كان الجرح لا قصاص فيه ، كالجائفة ، ونحوها ، فعفا عن القصاص فيه ، فسرى إلى النفس ، فلوليه القصاص ; لأن القصاص لم يجب في الجرح ، فلم يصح العفو عنه ، وإنما وجب القصاص بعد عفوه ، وله العفو عن القصاص ، وله كمال الدية . وإن عفا عن دية الجرح ، صح ، وله بعد السراية دية النفس إلا أرش الجرح . ولا يمتنع وجوب القصاص في النفس ، مع أنه لا يجب كمال الدية بالعفو عنه ، كما لو قطع يدا ، فاندملت واقتص منها ، ثم انتقضت وسرت إلى النفس ، فله القصاص في النفس ، وليس له العفو إلا على نصف الدية . وإن قطع يده من نصف الساعد ، فعفا عن القصاص ، ثم سرى فعلى قول أبي بكر ، لا يسقط القصاص في النفس ; لأن القصاص لم يجب ، فهو كالجائفة . ومن جوز له القصاص من الكوع ، أسقط القصاص في النفس ، كما لو كان القطع من الكوع .

                                                                                                                                            وقال المزني : لا يصح العفو عن دية الجرح قبل اندماله ، فلو قطع يدا ، فعفا عن ديتها وقصاصها ، ثم اندملت ، لم تسقط ديتها ، وسقط قصاصها ; لأن القصاص قد وجب فيها ، فصح العفو عنه ، بخلاف الدية . وليس بصحيح ; لأن دية الجرح إنما وجبت بالجناية ، إذ هي السبب ، ولهذا لو جنى على طرف عبد ثم باعه قبل برئه ، كان أرش الطرف لبائعه لا لمشتريه ، وتأخير المطالبة به لا يلزم منه عدم الوجوب ، وامتناع صحة العفو ، كالدين المؤجل لا تملك المطالبة به ، ويصح العفو عنه ، كذا هاهنا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية