الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6921 ) مسألة : قال : ( وفي الشفتين الدية ) لا خلاف بين أهل العلم ، أن في الشفتين الدية ، وفي كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه له رسول الله صلى الله عليه وسلم { : وفي الشفتين الدية } . ولأنهما عضوان ليس في البدن مثلهما ، فيهما جمال ظاهر ، ومنفعة كاملة ، فإنهما طبق على الفم يقيانه ما يؤذيه ، ويستران الأسنان ، وتردان الريق ، وينفخ بهما ، ويتم بهما الكلام ، فإن فيهما بعض مخارج الحروف ، فتجب فيهما الدية ، كاليدين والرجلين . وظاهر المذهب أن في كل واحدة منهما نصف الدية .

                                                                                                                                            وروي هذا عن أبي بكر وعلي رضي الله عنهما وإليه ذهب أكثر الفقهاء . وروي عن أحمد ، رحمه الله ، رواية أخرى ، أن في العليا ثلث الدية ، وفي السفلى الثلثين ; لأن هذا يروى عن زيد بن ثابت . وبه قال سعيد بن المسيب ، والزهري . ولأن المنفعة بها أعظم ، لأنها التي تدور ، وتتحرك ، وتحفظ الريق والطعام ، والعليا ساكنة لا حركة فيها .

                                                                                                                                            ولنا ، قول أبي بكر وعلي ، رضي الله عنهما ، ولأن كل شيئين وجبت فيهما الدية ، وجب في أحدهما نصفها ، كسائر الأعضاء ، ولأن كل ذي عدد وجبت فيه الدية سوي بين جميعه فيها ، كالأصابع والأسنان ، ولا اعتبار بزيادة النفع ، بدليل ما ذكرنا من الأصل ( 6922 ) فصل : فإن ضربهما فأشلهما ، وجبت ديتهما ; لأنه أتلف منفعتهما ، فوجبت ديتهما ، كما لو أشل يديه ، وإن تقلصتا فلم تنطبقا على الأسنان ، أو استرختا فصارتا لا تنفصلان عن الأسنان ، ففيهما الدية ; لأنه عطل منفعتهما وجمالهما .

                                                                                                                                            وإن تقلصتا بعض التقلص ، وجبت الحكومة ; لأن منافعهما لم تبطل بالكلية ( 6923 ) فصل : حد الشفة السفلى من أسفل ما تجافى عن الأسنان واللثة مما ارتفع عن جلدة الذقن ، وحد العليا من فوق ما تجافى عن الأسنان واللثة إلى اتصاله بالمنخرين والحاجز ، وحدهما طولا طول الفم إلى حاشية الشدقين ، وليست حاشية الشدقين منهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية