الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6946 ) فصل : وفي الصلب الدية إذا كسر فلم ينجبر ; لما روي في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم { : وفي الصلب الدية } . وعن سعيد بن المسيب ، أنه قال مضت السنة أن في الصلب الدية . وهذا ينصرف إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم . وممن قال بذلك زيد بن ثابت وعطاء والحسن والزهري ومالك وقال القاضي ، وأصحاب الشافعي : ليس في كسر الصلب دية ; إلا أن يذهب مشيه أو جماعه ، فتجب الدية لتلك المنفعة ; لأنه عضو لم تذهب منفعته ، فلم تجب فيه دية كاملة ، كسائر الأعضاء .

                                                                                                                                            ولنا ، الخبر ، ولأنه عضو ليس في البدن مثله ، فيه جمال ومنفعة ، فوجبت الدية فيه بمفرده ، كالأنف . وإن ذهب مشيه بكسر صلبه ، ففيه ، الدية في قول الجميع . ولا يجب أكثر من دية ; لأنها منفعة تلزم كسر الصلب غالبا ، فأشبه ما لو قطع رجليه . وإن لم يذهب مشيه ، لكن ذهب جماعه ، ففيه الدية أيضا . روي ذلك عن علي رضي الله عنه ; لأنه نفع مقصود ، فأشبه ذهاب مشيه . وإن ذهب جماعه ومشيه ، وجبت ديتان ، في ظاهر كلام أحمد ، رحمه الله ، في رواية ابنه عبد الله ; لأنهما منفعتان تجب الدية بذهاب كل واحدة منهما منفردة ، فإذا اجتمعتا وجبت ديتان ، كالسمع والبصر . وعن أحمد : فيهما دية واحدة ; لأنهما نفع عضو واحد ، فلم يجب فيها أكثر من دية واحدة ، كما لو قطع لسانه فذهب كلامه وذوقه .

                                                                                                                                            وإن جبر صلبه ، فعادت إحدى المنفعتين دون الأخرى ، لم يجب إلا دية ، إلا أن تنقص الأخرى ، فتجب حكومة لنقصها ، أو تنقص من جهة أخرى ، فيكون فيه حكومة لذلك . وإن ادعى ذهاب جماعه ، وقال رجلان من أهل الخبرة : إن مثل هذه الجناية يذهب بالجماع . فالقول قول المجني عليه مع يمينه ; لأنه لا يتوصل إلى معرفة ذلك إلا من جهته . وإن كسر صلبه ، فشل ذكره ، اقتضى كلام أحمد ، وجوب ديتين ; لكسر الصلب واحدة وللذكر أخرى . وفي قول القاضي ، ومذهب الشافعي ، يجب في الذكر دية ، وحكومة لكسر الصلب . وإن أشل رجليه ، ففيهما دية أيضا . وإن أذهب ماءه دون جماعه ، احتمل وجوب الدية . وهذا يروى عن مجاهد . قال بعض أصحاب الشافعي . هو الذي يقتضيه مذهب الشافعي ; لأنه ذهب بمنفعة مقصودة ، فوجبت الدية ، كما لو ذهب بجماعه ، أو كما لو قطع أنثييه أو رضهما . ويحتمل أن لا تجب الدية كاملة ; لأنه لم يذهب بالمنفعة كلها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية