( 6967 ) مسألة : قال ( وفي موضحة الحر خمس من الإبل  ، سواء كان من رجل أو امرأة ، والموضحة في الرأس والوجه سواء ، وهي التي تبرز العظم ) هذه من شجاج الرأس أو الوجه ، وليس في الشجاج ما فيه قصاص سواها ، ولا يجب المقدر في أقل منها ، وهي التي تصل إلى العظم ، سميت موضحة ; لأنها أبدت وضح العظم ، وهو بياضه . 
وأجمع أهل العلم على أن أرشها مقدر . قاله  ابن المنذر    . وفي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم    : { وفي الموضحة خمس من الإبل   } . 
وروي عن عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { في المواضح خمس خمس   } . رواه أبو داود  ،  والنسائي  ، والترمذي  ، وقال : حديث حسن . 
وقول  الخرقي    : في موضحة الحر . يحترز به من موضحة العبد . وقوله : سواء كان من رجل أو امرأة . يعني أنهما لا يختلفان في أرش الموضحة ; لأنها دون ثلث الدية ، وهما يستويان فيما دون الثلث ، ويختلفان فيما زاد . 
وعند  الشافعي  أن موضحة المرأة على النصف من موضحة الرجل ، بناء على أن جراح المرأة على النصف من جراح الرجل في الكثير والقليل . وسنذكر ذلك في موضعه ، إن شاء الله تعالى . وعموم الحديث الذي رويناه هاهنا حجة عليه ، وفيه كفاية . وأكثر أهل العلم على أن الموضحة في الرأس والوجه سواء    . روي ذلك عن  أبي بكر  ،  وعمر  رضي الله عنهما . وبه قال  شريح  ،  ومكحول  ، والشعبي  ،  والنخعي  ، والزهري  ،  وربيعة  ، وعبيد الله بن الحسن  ،  وأبو حنيفة  ،  والشافعي  ، وإسحاق    . 
وروي عن  سعيد بن المسيب  ، أنه قال : تضعف موضحة الوجه على موضحة الرأس ، فيجب في موضحة الوجه عشر من الإبل ; لأن شينها أكثر . وذكره  القاضي  رواية عن  أحمد    . وموضحة الرأس يسترها الشعر والعمامة . وقال  مالك    : إذا كانت في الأنف أو في اللحي الأسفل ، ففيها حكومة ; لأنها تبعد عن الدماغ ، فأشبهت موضحة سائر البدن . ولنا عموم الأحاديث ، وقول  أبي بكر  ،  وعمر  رضي الله عنهما   : الموضحة في الرأس والوجه سواء    . ولأنها موضحة ، فكان أرشها خمسا من الإبل ، كغيرها مما سلموه ، ولا عبرة بكثرة الشين ، بدليل التسوية بين الصغيرة والكبيرة . 
وما ذكروه  لمالك  لا يصح ; فإن الموضحة في الصدر أكثر ضررا ، وأقرب إلى القلب ، ولا مقدر فيها . وقد روي عن  أحمد  ، رحمه الله ، أنه قال : موضحة الوجه أحرى أن يزاد في ديتها . وليس معنى هذا أنه يجب فيها أكثر والله أعلم ، إنما معناه أنها أولى بإيجاب الدية ، فإنه إذا وجب في موضحة الرأس مع قلة شينها واستتارها بالشعر وغطاء الرأس ، خمس من الإبل ، فلأن يجب ذلك في الوجه الظاهر ، الذي هو مجمع المحاسن ، وعنوان الجمال أولى . وحمل كلام  أحمد  على هذا أولى من حمله على ما يخالف الخبر والأثر وقول أكثر أهل العلم ، ومصيره إلى التقدير بغير توقيف ، ولا قياس صحيح . 
( 6968 ) فصل : ويجب أرش الموضحة في الصغيرة والكبيرة ، والبارزة والمستورة بالشعر    ; لأن اسم الموضحة يشمل الجميع . وحد الموضحة  ما أفضى إلى العظم ، ولو بقدر إبرة . ذكره ابن القاسم  ،  والقاضي    . فإن شجه في رأسه شجة ، بعضها موضحة ، وبعضها دون الموضحة ، لم يلزمه أكثر من أرش موضحة ; لأنه لو أوضح الجميع لم يلزمه  [ ص: 368 ] أكثر من أرش موضحة ، فلأن لا يلزمه في الإيضاح في البعض أكثر من ذلك أولى ، وهكذا لو شجه شجة بعضها هاشمة ، وباقيها دونها  ، لم يلزمه أكثر من أرش هاشمة ، وإن كانت منقلة وما دونها ، أو مأمومة . وما دونها ، فعليه أرش منقلة أو مأمومة ; لما ذكرنا . 
( 6969 ) فصل : وليس في موضحة غير الرأس والوجه  مقدر ، في قول أكثر أهل العلم ; منهم  إمامنا  ،  ومالك  ،  والثوري  ،  والشافعي  ، وإسحاق  ،  وابن المنذر    . قال  ابن عبد البر    : ولا يكون في البدن موضحة . يعني ليس فيها مقدر . قال : وعلى ذلك جماعة العلماء إلا  الليث بن سعد  ، قال : الموضحة تكون في الجسد أيضا . وقال الأوزاعي  في جراحة الجسد على النصف من جراحة الرأس . وحكي نحو ذلك عن عطاء الخراساني  ، قال : في الموضحة في سائر الجسد خمسة وعشرون دينارا . ولنا ، أن اسم الموضحة إنما يطلق على الجراحة المخصوصة في الوجه والرأس ، وقول الخليفتين الراشدين : الموضحة في الوجه والرأس  سواء . 
يدل على أن باقي الجسد بخلافه ، ولأن الشين فيما في الرأس والوجه أكثر وأخطر مما في سائر البدن ، فلا يلحق به ، ثم إيجاب ذلك في سائر البدن يفضي إلى أن يجب في موضحة العضو أكثر من ديته ، مثل أن يوضح أنملة ديتها ثلاثة وثلث ، ودية الموضحة خمسة . وأما قول الأوزاعي  وعطاء الخراساني  ، فتحكم لا نص فيه ، ولا قياس يقتضيه ، فيجب اطراحه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					