الطاعة المبصرة
من هـنا أيضا ومن لوازم هـذا الدين أن تكون الطاعة مبصرة وأن يكون المقياس منضبطا. وليس من البدع والأمور المحدثة، بل هـو طريق مسلمي خير القرون.
فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخليفة الراشد وثاني اثنين إذ هـما في الغار والذي أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سنته يقول للمسلمين في أول كلمة من فوق منبر المسئولية: [ ص: 22 ]
" أطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيت فلا طاعة لي عليكم. "
وفي هـذا تربية للفرد المسئول في مركز القيادة والحكم والسلطان، فلا يضمن الطاعة له إلا بطاعة أوامر الله والتزام المنهج. وتربية للفرد العادي أيضا لتستيقظ حواسه جميعا ويمتلك البصيرة الكاملة للمنهج، فلا يحق له الطاعة إلا بالمعروف.
ومن هـنا أيضا كان الإسلام لكل المسلمين، وكان مجتمع المسلمين مجتمعا مفتوحا يتألق بالحقيقة والاستقامة واستنشاق الهواء النظيف بعيدا عن سياط الإرهاب الفكري دينيا كان أو سياسيا، لا عصمة فيه لطبقة من حكام أو رجال دين يحتكرون المعرفة أو يتحدثون باسم الله فيصبح قولهم هـو القانون وهو الدين وتصبح أشخاصهم هـي المقياس، فيتسلل الإكليروس من جانب والحكم الثيوقراطي (الديني) الذي مارسته الكنيسة في القرون الوسطى من جانب آخر إلى حياة المسلمين، وبذلك يكون الفساد والإفساد.
(جمادى الأولى:1402هـ- آذار"مارس":1982م) [ ص: 23 ]