الهجرة وحركة الانسحاب من المجتمع
( ومن كانت هـجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هـاجر إليه ) [حديث شريف ]
يمكن أن تكون قضية الهجرة التي تعني بأبسط مدلولاتها الانتقال من مكان أو هـجر مكان إلى آخر لأكثر من سبب، قديمة قدم الإنسان على الأرض، وملازمة لحركة الحياة والأحياء على الرغم من قساوة الظروف ووعورة المسالك وعدم توفر الوسائل، وما يمكن أن يعاني المهاجر من ترك مألوفه ومعروفه، لأن الإنسان مدفوع بتحقيق هـدفه والبحث عن وسائل سعادته وتأمين مصيره، ودوافع الهجرة كثيرة وكثيرة جدا لكن تشرف التحركات بشرف الغايات وشرعية الوسائل، لذلك تأتي الهجرة إلى الله من عزائم الأمور، سواء أكانت هـجرة نفسية، وذلك بالانخلاع من كل العادات والعبادات والتصورات غير الإسلامية، أم كانت هـجرة عملية حركية بالانتقال من موقع تبين أنه عقيم في مجال العطاء الإسلامي، إلى موقع أكثر خصبا ونماء أو كانت ابتداء في الخروج لنشر الدعوة واستنقاذ البشرية من شقوتها بإبلاغها دعوة الله والتمكين لدينه في مواقع أخرى؛ تحقيقا لمسئولية المسلم في عملية البلاغ [ ص: 128 ] المبين، وثمرة لعالمية الدعوة؛ قال تعالى: ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون ) (الأنعام: 92) .