خامسا: عمل المرأة
يعد عمل المرأة من المشكلات الأساسية التي تهدد استقرار الأسرة المسلمة؛ لأن في ذلك إقصاء لها عن أدوارها الأساسية وهي الأمومة والزوجية، فهي مسئولة عن بناء الأسرة المسلمة وتنشئة الأجيال [ ص: 50 ] الصالحة، وبعملها خارج بيتها تفسد علاقتها بأبنائها، فهي تغيب عن البيت فترة طويلة يوميا، وعندما تعود إلى البيت تكون مجهدة متعبة وبحاجة إلى الراحة، وبذا يفقد الأبناء الدفء والمودة والحنان والعطف، كما يفقدون التربية والتوجـيه.. وكما هو معلـوم، فإن السنوات الخمس الأولى من العمر تكون حاسمة في تطور الشخصية المستقبلية للطفل من كافة النواحي الجسمية والعقلية والاجتماعية والروحية، الأمر الذي يتعين على الأم أن تقضي مع ابنها وقتا كافيا لإنمـاء كافـة مظاهـر شخصيته؛ تحـدثه وتسـتمع إليـه وتقـربه مـنها، لا تبعد عنه، تلعب معه وتنمي لديه القيم الاجتماعية والروحية.
ولا شك أن عمل المرأة خارج المنزل يؤدي إلى اختلال دورها الأمومي، فمن العسير أن تتمكن من القيام بمسئوليتها الطبيعية كأم لأبنائها وفي الوقت ذاته تؤدي عملها في الخارج.. وفي أغلب الأحوال، إن لم يكـن في جمعيها، يكون عمل المرأة في الخارج على حساب أبنائها، فنجدهم محرومين من مقومات النمو النفسي، كما أسلفت، أما فيما يخص نموهم الجسمي فيكون اهتمامها موجه نحو شراء علب الحليب المجفف وتحضيره وإعطائه للطفل لإسكاته.
ويعد عمل المرأة تهـديدا لاستـقرار بيت الزوجية لما قد يكتنفه [ ص: 51 ] مـن إهـمال للـزوج ومن إثـارة وسـوء معاملة وابتـزاز من رب العمل، مما ينعكس سلبيا على الاستقرار الزواجي.
وقد يؤدي عمل المرأة أحيانا إلى عدم الاستقرار الزواجي في ضوء ما يسببه دخل المرأة من كيان اقتصادي، يضفي على المرأة قوة، يرفضها الزوج، فيسعى إلى منعها من العمل والدخول في طاعته، ذلك أن الإسلام حدد الحقوق الشرعية للزوج على زوجته ومنها حق الطاعة والقرار في بيت الزوجية، مما يؤدي إلى الصراع بين الزوجين الذي قد ينتهي بالطلاق.
ومن جهة أخرى فإن عمل المرأة يضعف قوامة الرجل في النفقة، فهي تكسب مالها بنفسها، وقد تعبر عن الاستغناء عن الزوج ماديا، كما قد تعبر عن قدرتها على الإنفاق على أبنائها في حال طلاقها.. وتشير الممارسات الواقعية إلى حدوث النزاع بين الزوج والزوجة على راتبها الشهري عندما تعمل خارج المنزل، فقد يستولي الزوج على كامل راتبها بحجة الإنفاق، وقد يطالبها بدفع أجرة البيت أو بدفع نصف راتبها إلى غير ذلك مما قد يفضي إلى النزاع والشقاق الدائمين.
وعلى الرغم من أن التصنيف التقليدي لأعمال الرجال وأعمال النساء في البيت لا يزال موجودا، إلا أن هذا التصنيف بات أقل تحديدا عما كان عليه في الماضي، فقد أصبح الزوج يشارك في بعض [ ص: 52 ] الأعمال البيـتية، وقد ترفض الزوجة مساعدة زوجها في أعمال البيت ظنـا منها أنه سيصبح منافسا لها في مجال تفوقها، ومن هنا ينشأ الشجار والنزاع بينهما نتيجة الاختلال في توزيع الأدوار أحيانا، وطموح المرأة إلى التحرر والمساواة التامة مع الرجل، أحيانا أخرى.