قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=50وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=51يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=53قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=54إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=55من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=56إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=57فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=58ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=59وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود [ ص: 46 ] nindex.php?page=treesubj&link=28982قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=65وإلى عاد أخاهم هودا أي وأرسلنا ، فهو معطوف على
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=25أرسلنا نوحا . وقيل له أخوهم لأنه منهم ، وكانت القبيلة تجمعهم ; كما تقول : يا أخا تميم . وقيل : إنما قيل له أخوهم لأنه من بني آدم كما أنهم من بني
آدم ; وقد تقدم هذا في " الأعراف " وكانوا عبدة الأوثان . وقيل : هم عادان ،
عاد الأولى وعاد الأخرى ، فهؤلاء هم الأولى ; وأما الأخرى فهو
شداد ولقمان المذكوران في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=7إرم ذات العماد .
وعاد اسم رجل ثم استمر على قوم انتسبوا إليه .
" قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره " بالخفض على اللفظ ، و " غيره " بالرفع على الموضع ، و " غيره " بالنصب على الاستثناء .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=50إن أنتم إلا مفترون أي ما أنتم في اتخاذكم إلها غيره إلا كاذبون عليه جل وعز .
nindex.php?page=treesubj&link=28982قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=51يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني تقدم معناه . والفطرة ابتداء الخلق .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=51أفلا تعقلون ما جرى على قوم
نوح لما كذبوا الرسل .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه تقدم في أول السورة .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52يرسل السماء جزم لأنه جواب وفيه معنى المجازاة .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52عليكم مدرارا نصب على الحال ، وفيه معنى التكثير ; أي يرسل السماء بالمطر متتابعا يتلو بعضه بعضا ; والعرب تحذف الهاء في مفعال على النسب ; وأكثر ما يأتي مفعال من أفعل ، وقد جاء هاهنا من فعل ; لأنه من درت السماء تدر وتدر فهي مدرار . وكان قوم هود - أعني عادا - أهل بساتين وزروع وعمارة ، وكانت مساكنهم الرمال التي بين
الشام واليمن كما تقدم في " الأعراف " .
" ويزدكم " عطف على يرسل .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52قوة إلى قوتكم قال
مجاهد : شدة على شدتكم .
الضحاك : خصبا إلى خصبكم .
[ ص: 47 ] علي بن عيسى : عزا على عزكم .
عكرمة : ولدا إلى ولدكم . وقيل : إن الله حبس عنهم المطر وأعقم الأرحام ثلاث سنين فلم يولد لهم ولد ; فقال لهم
هود : إن آمنتم أحيا الله بلادكم ورزقكم المال والولد ; فتلك القوة . وقال
الزجاج : المعنى يزدكم قوة في النعم .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52ولا تتولوا مجرمين أي لا تعرضوا عما أدعوكم إليه ، وتقيموا على الكفر
nindex.php?page=treesubj&link=28982قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=53قالوا يا هود ما جئتنا ببينة أي حجة واضحة .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=53وما نحن لك بمؤمنين إصرارا منهم على الكفر .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=54إن نقول إلا اعتراك أي أصابك .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=54بعض آلهتنا أي أصنامنا .
بسوء أي ( بجنون لسبك إياها ) ، عن
ابن عباس وغيره . يقال : عراه الأمر واعتراه إذا ألم به . ومنه
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36وأطعموا القانع والمعتر .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=54قال إني أشهد الله أي على نفسي .
واشهدوا أي وأشهدكم ; لا أنهم كانوا أهل شهادة ; ولكنه نهاية للتقرير ; أي لتعرفوا
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=54أني بريء مما تشركون أي من عبادة الأصنام التي تعبدونها .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=55فكيدوني جميعا أي أنتم وأوثانكم في عداوتي وضري .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=55ثم لا تنظرون أي لا تؤخرون . وهذا القول مع كثرة الأعداء يدل على كمال الثقة بنصر الله تعالى . وهو من أعلام النبوة ، أن يكون الرسول وحده يقول لقومه :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=55فكيدوني جميعا . وكذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -
لقريش . وقال
نوح - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71فأجمعوا أمركم وشركاءكم الآية .
nindex.php?page=treesubj&link=28982قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=56إني توكلت على الله ربي وربكم أي رضيت بحكمه ، ووثقت بنصره .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=56ما من دابة أي نفس تدب على الأرض ; وهو في موضع رفع بالابتداء .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=56إلا هو آخذ بناصيتها أي يصرفها كيف يشاء ، ويمنعها مما يشاء ; أي فلا تصلون إلى ضري . وكل ما فيه روح يقال له داب ودابة ; والهاء للمبالغة . وقال
الفراء : مالكها ، والقادر عليها . وقال
القتبي : قاهرها ; لأن من أخذت بناصيته فقد قهرته . وقال
الضحاك : يحييها ثم يميتها ; والمعنى متقارب . والناصية قصاص الشعر في مقدم الرأس . ونصوت الرجل أنصوه نصوا أي مددت ناصيته . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : إنما خص الناصية ; لأن العرب تستعمل ذلك إذا وصفت إنسانا بالذلة والخضوع ; فيقولون . ما ناصية فلان إلا بيد فلان ; أي إنه مطيع له يصرفه كيف يشاء . وكانوا إذا أسروا أسيرا وأرادوا إطلاقه والمن عليه جزوا ناصيته ليعرفوا بذلك فخرا عليه ; فخاطبهم بما يعرفونه في كلامهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14155الترمذي الحكيم في " نوادر الأصول " قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=56ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها وجهه عندنا أن الله تعالى قدر مقادير أعمال العباد ، ثم نظر إليها ، ثم خلق
[ ص: 48 ] خلقه ، وقد نفذ بصره في جميع ما هم فيه عاملون من قبل أن يخلقهم ، فلما خلقهم وضع نور تلك النظرة في نواصيهم فذلك النور آخذ بنواصيهم ، يجريهم إلى أعمالهم المقدرة عليهم يوم المقادير . وخلق الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ; رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835237قدر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة . ولهذا قويت الرسل وصاروا من أولي العزم لأنهم لاحظوا نور النواصي ، وأيقنوا أن جميع خلقه منقادون بتلك الأنوار إلى ما نفذ بصره فيهم من الأعمال ، فأوفرهم حظا من الملاحظة أقواهم في العزم ، ولذلك ما قوي هود النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=55فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=56إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها وإنما سميت ناصية لأن الأعمال قد نصت وبرزت من غيب الغيب فصارت منصوصة في المقادير ، قد نفذ بصر الخالق في جميع حركات الخلق بقدرة ، ثم وضعت حركات كل من دب على الأرض حيا في جبهته بين عينيه ، فسمي ذلك الموضع منه ناصية ; لأنها تنص حركات العباد بما قدر ; فالناصية مأخوذة بمنصوص الحركات التي نظر الله تعالى إليها قبل أن يخلقها ووصف ناصية
أبي جهل فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=16ناصية كاذبة خاطئة يخبر أن النواصي فيها كاذبة خاطئة ; فعلى سبيل ما تأولوه يستحيل أن تكون الناصية منسوبة إلى الكذب والخطأ . والله أعلم .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=56إن ربي على صراط مستقيم قال
النحاس : الصراط في اللغة المنهاج الواضح ; والمعنى أن الله جل ثناؤه وإن كان يقدر على كل شيء فإنه لا يأخذهم إلا بالحق . وقيل : معناه لا خلل في تدبيره ، ولا تفاوت في خلقه سبحانه .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=57فإن تولوا في موضع جزم ; فلذلك حذفت منه النون ، والأصل تتولوا ، فحذفت التاء لاجتماع تاءين .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=57فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم بمعنى قد بينت لكم .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=57ويستخلف ربي قوما غيركم أي يهلككم ويخلق من هو أطوع له منكم يوحدونه ويعبدونه . " ويستخلف " مقطوع مما قبله فلذلك ارتفع ; أو معطوف على ما يجب فيما بعد الفاء من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=57فقد أبلغتكم . وروي عن
حفص عن
عاصم " ويستخلف " بالجزم حملا على موضع الفاء وما بعدها ; مثل :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=186ويذرهم في طغيانهم يعمهون .
[ ص: 49 ] nindex.php?page=treesubj&link=28982قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=57ولا تضرونه شيئا أي بتوليكم وإعراضكم .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=57إن ربي على كل شيء حفيظ أي لكل شيء حافظ . " على " بمعنى اللام ; فهو يحفظني من أن تنالوني بسوء .
nindex.php?page=treesubj&link=28982قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=58ولما جاء أمرنا أي عذابنا بهلاك
عاد .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=58نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا لأن أحدا لا ينجو إلا برحمة الله تعالى ، وإن كانت له أعمال صالحة . وفي صحيح
مسلم nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري وغيرهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=835238لن ينجي أحدا منكم عمله . قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ ! قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه . وقيل : معنى برحمة منا بأن بينا لهم الهدى الذي هو رحمة . وكانوا أربعة آلاف . وقيل : ثلاثة آلاف .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=58ونجيناهم من عذاب غليظ أي عذاب يوم القيامة . وقيل : هو الريح العقيم كما ذكر الله في " الذاريات " وغيرها وسيأتي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12851القشيري أبو نصر : والعذاب الذي يتوعد به النبي أمته إذا حضر ينجي الله منه النبي والمؤمنين معه ; نعم ! لا يبعد أن يبتلي الله نبيا وقومه فيعمهم ببلاء فيكون ذلك عقوبة للكافرين ، وتمحيصا للمؤمنين إذا لم يكن مما توعدهم النبي به .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=59وتلك عاد ابتداء وخبر . وحكى
الكسائي أن من العرب من لا يصرف " عادا " فيجعله اسما للقبيلة .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=59جحدوا بآيات ربهم أي كذبوا بالمعجزات وأنكروها .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=59وعصوا رسله يعني
هودا وحده ; لأنه لم يرسل إليهم من الرسل سواه . ونظيره قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=51يا أيها الرسل كلوا من الطيبات يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده ; لأنه لم يكن في عصره رسول سواه ; وإنما جمع هاهنا لأن من كذب رسولا واحدا فقد كفر بجميع الرسل . وقيل : عصوا
هودا والرسل قبله ، وكانوا بحيث لو أرسل إليهم ألف رسول لجحدوا الكل .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=59واتبعوا أمر كل جبار عنيد أي اتبع سقاطهم رؤساءهم . والجبار المتكبر . والعنيد الطاغي الذي لا يقبل الحق ولا يذعن له . قال
أبو عبيد : العنيد والعنود والعاند والمعاند المعارض بالخلاف ، ومنه قيل للعرق الذي ينفجر بالدم عاند . وقال الراجز :
إني كبير لا أطيق العندا
nindex.php?page=treesubj&link=28982قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة أي ألحقوها .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60ويوم القيامة أي وأتبعوا
[ ص: 50 ] يوم القيامة مثل ذلك ; فالتمام على قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60ويوم القيامة .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60ألا إن عادا كفروا ربهم قال
الفراء : أي كفروا نعمة ربهم ; قال : ويقال كفرته وكفرت به ، مثل شكرته وشكرت له
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60ألا بعدا لعاد قوم هود أي لا زالوا مبعدين عن رحمة الله . والبعد الهلاك ، والبعد التباعد من الخير . يقال : بعد يبعد بعدا إذا تأخر وتباعد . وبعد يبعد بعدا إذا هلك ; قال :
لا يبعدن قومي الذين هم سم العداة وآفة الجزر
وقال
النابغة :
فلا تبعدن إن المنية منهل وكل امرئ يوما به الحال زائل