[ ص: 394 ] فصل ويشترط لوجوب الحج على المرأة    . 
شابة كانت أو عجوزا مسافة قصر ، ودونها : وجود محرم لحديث  ابن عباس  مرفوعا { لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ولا يدخل عليها إلا ومعها محرم فقال رجل : يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج فقال : اخرج معها   } رواه  أحمد  بإسناد صحيح . 
وعن  أبي هريرة  مرفوعا { لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم   } رواه  البخاري   ، ولمسلم  ذو محرم منها وله أيضا " ثلاثا " ، وهذا مخصص لظاهر الآية ; ولأنها أنشأت سفرا في دار الإسلام فلم يجز بغير محرم كحج التطوع والزيارة والتجارة ، ( وكذا يعتبر ) المحرم ( لكل سفر يحتاج فيه محرم ) أي : لكل ما يعد سفرا عرفا ، و ( لا ) يعتبر المحرم إذا خرجت ( في أطراف البلد مع عدم الخوف ) عليها ; لأنه ليس بسفر ( وهو ) أي المحرم ( معتبر لمن لعورتها حكم وهي بنت سبع سنين فأكثر ) ; لأنها محل الشهوة بخلاف من دونها . 
( قال الشيخ    : وأما الإماء فيسافرن معها ) تبعا لها ( ولا يفتقرن إلى محرم    ; لأنه لا محرم لهن في العادة الغالبة انتهى ويتوجه في عتقائها من الإماء مثله على ما قال ) الشيخ تقي الدين    : من أنه لا محرم لهن في العادة ويحتمل عكسه لانقطاع التبعية ويملكن أنفسهن بالعتق . 
( قال في الفروع : وظاهر كلامهم ) أي : الأصحاب ( اعتبار المحرم للكل ) أي : الأحرار وإمائهن وعتقائهن لعموم الأخبار ( وعدمه ) أي المحرم للمذكورات ( كعدم المحرم للحرة ) الأصل فلا يباح لها السفر بغيره مطلقا " تنبيه " ظاهر كلام المصنف  وغيره أن الخنثى كالرجل قاله في الإنصاف ، ( والمحرم ) هنا ( زوجها ) سمي محرما مع كونها تحل له لحصول المقصود من صيانتها وحفظها من إباحة الخلوة بها بسفره معها ( أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب ) كالأب والابن والأخ والعم والخال ( أو سبب مباح ) كزوج أمها وابن زوجها وأبيه وأخيها من رضاع لحديث  أبي سعيد  قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم { لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو  [ ص: 395 ] ابنها أو زوجها أو ذو محرم منها   } رواه  مسلم  لحرمتها ، لكن يستثنى من سبب مباح نساء النبي ; صلى الله عليه وسلم فإنهن محرمات على غيره على التأبيد ولسنا محارم لهن إلا من بينه وبينهن نسب أو رضاع محرم أو مصاهرة كذلك ، وحكمهن وإن كان انقطع بموتهن ، لكن قصد بيان خصوصيتهن وفضيلتهن . 
( وخرج به ) أي : بقوله : مباح ( أم الموطوءة بشبهة أو زنا وبنتها ) أي بنت الموطوءة بشبهة أو زنا فليس الواطئ لهن محرما لعدم إباحة السبب ، ( وخرج بقوله لحرمتها : الملاعنة فإن تحريمها عليه ) أي : الملاعن ( عقوبة وتغليظا لحرمتها ) فلا يكون الملاعن محرما لها ( إذا كان ذكرا ) . 
فأم المرأة وبنتها : ليست محرما لها ( بالغا عاقلا مسلما ) فمن دون بلوغ والمجنون والكافر ليس محرما    ; لأن غير المكلف لا يحصل به المقصود من الحفظ ، والكافر لا يؤمن عليها كالحضانة وكالمجوسي لاعتقاده حلها ولا تعتبر الحرية فلهذا قال : 
( ولو عبدا ) وهو أبوها أو أخوها من نسب أو رضاع أو ولد زوجها أو أبوه ونحوه   ( ونفقته ) أي : المحرم إذا سافر معها ( عليها )    ; لأنه من سبيلها ( ولو كان محرمها زوجها ) فيجب لها عليه بقدر نفقة الحضر كما تقدم وما زاد فعليها ( فيعتبر أن تملك زادا أو راحلة لهما ) أي : لها ولمحرمها صالحين لمثلهما . 
( ولو بذلت النفقة ) لمحرمها ( لم يلزمه السفر معها ) للمشقة كحجة عن مريضة ، وما تقدم من أمره صلى الله عليه وسلم في خبر  ابن عباس  الزوج بأن يسافر مع زوجته أجيب عنه بأنه أمر بعد حظر أو أمر تخيير ، وعلم صلى الله عليه وسلم من حاله أنه يعجبه أن يسافر معها ( وكانت ) من امتنع محرمها من السفر معها ( كمن لا محرم لها ) على ما يأتي بيانه   ( وليس العبد محرما لسيدته )  نصا ( من حيث كونها مالكة له ) لحديث  ابن عمر  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {   : سفر المرأة مع عبدها ضيعة   } ; ولأنه غير مأمون عليها ، ولا تحرم عليه أبدا . 
( ولو جاز له النظر إليها ) ; لأنه للحرج والمشقة ( فلو حجت ) المرأة ( بغير محرم  حرم ) عليها ذلك ( وأجزأ ) ها الحج وفاقا ، كمن حج وقد ترك حقا يلزمه من دين وغيره ، وكذا العمرة . 
( ويصح ) الحج ( من مغصوب و ) من ( أجير خدمة  بأجرة أو لا ومن تاجر ) وقاصد رؤية البلاد النائية أو النزهة ونحوه ( ويأتي ولا إثم ) عليه قال تعالى {    : ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم    } . 
 [ ص: 396 ]   ( والثواب بحسب الإخلاص ) في العمل ; لقوله صلى الله عليه وسلم {   : وإنما لكل امرئ ما نوى   } ( وإن مات المحرم قبل خروجها ) للسفر    ( لم تخرج ) بلا محرم لما تقدم من النهي عن السفر بلا محرم . 
( و ) إن مات ( بعده ) أي بعد خروجها ( فإن كان ) مات ( قريبا رجعت ) ; لأنها في حكم الحاضرة ، ( وإن كان ) مات ( بعيدا مضت ) في سفرها للحج ; لأنها لا تستفيد بالرجوع شيئا لكونها بغير محرم . 
( ولو مع إمكان إقامتها ببلد ) ; لأنها تحتاج إلى الرجوع ( ولم تصر محصرة ) ; لأنها لا تستفيد بالتحلل زوال ما بها كالمريض ، ( لكن إن كان حجها تطوعا وأمكنها الإقامة ببلد فهو أولى ) من السفر بغير محرم . 
( وإن كان المحرم الميت زوجها  فيأتي له تتمة في العدد ) مفصلا . 
				
						
						
