الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( فصل ) القسم الرابع ( شركة الأبدان ) أي شركة بالأبدان فحذفت الباء ثم أضيفت ; لأنهم بذلوا أبدانهم في الأعمال لتحصل المكاسب ( وهي ) ضربان .

                                                                                                                      أحدهما ( أن يشتركا ) أي اثنان فأكثر ( فيما يتقبلان بأبدانهما في ذممهما من العمل فهي شركة صحيحة ) روى أبو طالب لا بأس أن يشترك القوم بأبدانهم وليس لهم مال مثل الصيادين والبقالين والحمالين { وقد أشرك النبي - صلى الله عليه وسلم - بين عمار وسعد وابن مسعود فجاء سعد بأسيرين ، ولم يجيئا بشيء } والحديث رواه أبو داود والأثرم وكان ذلك في غزوة بدر وكانت غنائمها لمن أخذها قبل أن يشرك الله تعالى بين الغانمين ولهذا نقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال { من أخذ شيئا فهو له } فكان ذلك من قبيل المباحات ولا يشترط لصحتها اتفاق الصنعة فتصح .

                                                                                                                      ( ولو مع اختلاف الصنائع ) كاشتراك حداد ونجار وخياط ; لأنهم اشتركوا في مكسب مباح فصح ، كما لو اتفقت الصنائع ( وما يتقبله أحدهما من العمل يصير في ضمانهما ويطالبان به ، ويلزمهما عمله ) ; لأن مبنى هذه الشركة على الضمان فكأنها تضمنت ضمان كل واحد منهما عن الآخر ما يلزمه .

                                                                                                                      ( ويلزم غير العارف منهما ) بذلك العمل ( أن يقيم مقامه ) في العمل ، ليحصل المقصود لكل من الشريكين والمستأجر .

                                                                                                                      ( ولو قال أحدهما أنا أتقبل وأنت تعمل صحت الشركة ) جعلا لضمان المتقبل كالمال ( ولكل منهما المطالبة بالأجرة ) لعمل تقبله هو أو صاحبه ( وللمستأجر دفعها إلى كل ) واحد ( منهما ) ويبرأ ( منها ) أي الأجرة ( الدافع ) بالدفع لأحدهما ; لأن كل واحد منهما كالوكيل عن الآخر ( وإن تلفت ) الأجرة ( في يد أحدهما من غير تفريط فهي من ضمانهما ) تضيع عليهما ; لأن كل [ ص: 528 ] واحد منهما وكيل الآخر في المطالبة والقبض .

                                                                                                                      ( وما يتلف ) من الأعيان أو الأجرة ( بتعدي أحدهما أو تفريطه أو تحت يده ، على وجه يوجب الضمان عليه ) كمنع أو جحود ( فهو ) أي التالف ( عليه وحده ) لانفراده بما يوجب الضمان ( وإن أقر أحدهما بما في يده ) من الأعيان ( قبل ) إقراره ( عليه وعلى شريكه ) ; لأن اليد له فيقبل إقراره بما فيها ، بخلاف إقراره بما في يد شريكه ، أو بدين عليه ( ولا يقبل إقراره بما في يد شريكه ولا بدين عليه ) أي على شريكه ; لأنه لا يد له على ذلك الضرب .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية