2104 - مسألة : من ؟ قال استسقى قوما فلم يسقوه حتى مات : روينا من طريق علي نا أبي بكر بن أبي شيبة عن حفص بن غياث الأشعث عن الحسن أن رجلا استسقى على باب قوم ؟ فأبوا أن يسقوه ، فأدركه العطش فمات ، فضمنهم عن ديته ؟ قال عمر بن الخطاب : القول في هذا عندنا - وبالله تعالى التوفيق - هو أن الذين لم يسقوه إن كانوا يعلمون أنه لا ماء له ألبتة إلا عندهم ، ولا يمكنه إدراكه أصلا حتى [ ص: 186 ] يموت ، فهم قتلوه عمدا وعليهم القود بأن يمنعوا الماء حتى يموتوا - كثروا أو قلوا - ولا يدخل في ذلك من لم يعلم بأمره ، ولا من لم يمكنه أن يسقيه ، فإن كانوا لا يعلمون ذلك ويقدرون أنه سيدرك الماء ، فهم قتلة خطأ ، وعليهم الكفارة ، وعلى عواقلهم الدية ولا بد . أبو محمد
برهان ذلك : قوله تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } ، وقال تعالى { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } ، وقال تعالى { والحرمات قصاص } ، وبيقين يدري كل مسلم - في العالم - أن من استقاه مسلم - وهو قادر على أن يسقيه - فتعمد أن لا يسقيه إلى أن مات عطشا فإنه قد اعتدى عليه ، بلا خلاف من أحد من الأمة ، وإذا اعتدى فواجب - بنص القرآن - أن يعتدى على المعتدي بمثل ما اعتدى به - فصح قولنا بيقين لا إشكال فيه .
وأما إذا لم يعلم بذلك فقد قتله ، إذ منعه ما لا حياة له إلا به ، فهو قاتل خطأ ، فعليه ما على قاتل الخطأ .
قال : وهكذا القول ، في الجائع ، والعاري ، ولا فرق - وكل ذلك عدوان ، وليس هذا كمن اتبعه سبع فلم يؤوه حتى أكله السبع ، لأن السبع هو القاتل له ، ولم يمت في جنايتهم ، ولا مما تولد من جنايتهم ، ولكن لو تركوه فأخذه السبع - وهم قادرون على إنقاذه - فهم قتلة عمد ، إذ لم يمت من شيء إلا من فعلهم - وهذا كمن أدخلوه في بيت ومنعوه حتى مات ، ولا فرق وهذا كله وجه واحد - وبالله تعالى التوفيق . أبو محمد