( ألا ترى ) أن من له ولد ابن لا يكون كلالة لوجود من يقوم مقام الولد . فكذلك من له أب لا يكون كلالة لوجود من يقوم مقام الولد ومن حيث معنى اللغة والاشتقاق الحجة فيه لعامة العلماء رضي الله عنهم أن السبب نوعان سرد وكلالة فالسرد لا يتبع فردا فردا قال الله تعالى { وقدر في السرد } ومنه قول القائل
نسب توارث كابر عن كابر كالرمح أنبوبا على أنبوب
[ ص: 153 ] وهذا المعنى في الآباء والأولاد لأنه يتبع فردا فردا فعرفنا أن الكلالة ما سوى ذلك ومن حيث الاشتقاق لأهل اللغة ، ولأن أحدهما أن اشتقاق الكلالة من قولهم تكلله النسب أي أحاط به ومنه يقال تكلل الغمام السماء أي أحاط به من كل جانب ومنه الإكليل فإنه يحيط بجوانب الرأس ومنه الكل والمراد به الجمع والإحاطة ، وذلك لا يتحقق في الآباء والأولاد لأن اتصال كل واحد منهما بصاحبه من جانب واحد وإنما يتحقق هذا فيما سوى الآباء والأولاد فإن الاتصال يحيط من الجانبين ومن ذلك قول الفرزدقورثتم قناة المجد لا عن كلالة عن ابني مناف عبد شمس وهاشم
فإن أبا المرء أحمى له ومولى الكلالة لا يغضب
ثم فقال اختلفوا في أن الكلالة اسم للميت أو للورثة هو اسم لميت ليس له ولد ولا والد وهو اختيار أهل أبو عبيدة معمر بن المثنى البصرة وقال أهل الكوفة وأهل المدينة هو اسم لورثة ليس فيهم ولد ، ولا والد وحجة القول الأول قوله تعالى { وإن كان رجل يورث كلالة } أي يورث في حال ما يكون كلالة فهو نصب على الحال كما يقال ضرب زيدا قائما ، وإنما يورث الميت فعرفنا أن الكلالة صفة له وحجة القول الثاني قوله تعالى { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } أي يستفتونك عن الكلالة ، وإنما يستقيم الاستفتاء عن ورثة ليس فيهم ولد ولا والد فأما إذا سئل عن ميت ليس له ولد ولا والد لا يفهم بهذا السؤال شيء والآية قرئت بالنصب بيورث وبالكسر بورثة والقراءة بالكسر دليل على أن الكلالة اسم للورثة وتأويل القراءة بالنصب ما أشرنا إليه أن اسم الكلالة يتناول الورثة ويتناول الميت كاسم الأخ يتناول كل واحد منهما ، ثم قد ثبت بالسنة أن المراد بالكلالة الورثة قال عليه السلام { } يعني كلالة إذا عرفنا هذا فنقول ومن ترك كلا وعيالا فعلي نفقته بنو الأعيان وهم الإخوة والأخوات لأب وأم سموا بذلك لأن عين الشيء أتم ما يكون منه وتمام الاتصال من الجانبين في حقهم وبنو العلات وهم الإخوة والأخوات لأب قال القائل الإخوة والأخوات أصناف ثلاثة
ويوسف إذ دلاه أولاد علة فأصبح في قعر الركية ثاويا