الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا أعتق المريض عبده وقيمته ثلثمائة ، ثم مات العبد وترك ثلثمائة وترك ابنته وامرأته ومولاه ، ثم مات المولى ، فلورثة المولى من ذلك مائتان وثمانية وعشرون درهما وأربعة أتساع درهم ، وللابنة سبعة وخمسون درهما وتسع درهم وللمرأة أربعة عشر درهما وتسعا درهم . أما على قول أبي حنيفة فلأن الثلثمائة كلها مال المولى في الظاهر لجواز أن يظهر عليه دين فيكون على العبد السعاية في جميع القيمة وما ترك إلا مقدار قيمته فهو بمنزلة المكاتب لا يورث عنه قبل أداء السعاية ، ثم هذه الثلثمائة تجعل على ثلاثة تنفذ وصية العبد في سهم منها ، ثم يكون ذلك السهم ميراثا عنه بين ورثته على ثلثمائة للمرأة سهم وللابنة أربعة وللمولى ثلاثة ، وإذا صار الثلث على ثمانية ، فالثلثان ستة عشر تعود الثلاثة إلى المولى فيزداد ماله بثلاثة أسهم ، وهي السهام الدائرة ، وبطرحها من أصل حق المولى يبقى حقه في ثلاثة عشر وحق العبد في ثمانية ، فذلك أحد وعشرون تنفذ الوصية في ثمانية ويعود بالميراث إلى المولى ثلاثة فيسلم لورثة المولى ستة عشر ، قد نفذنا الوصية في ثمانية فيستقيم الثلث والثلثان فظهر أن السالم لورثة المولى ستة عشر سهما من أحد وعشرين سهما من ثلثمائة ، مقدار ذلك بالدراهم مائتان وثمانية وعشرون وأربعة أتساع ; لأن أربعة عشر تكون مائتي درهم ، فإنه ثلثا أحد وعشرين وسبع المائة أربعة عشر درهما وسبعا درهم وسبعاه ثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم ، وللمرأة واحد ، وهو أربعة عشر درهما وسبعا درهم وللابنة أربعة أسباع المائة ، وذلك سبعة وخمسون درهما وسبع [ ص: 30 ] درهم ، ثم قال فجميع المال الذي ترك العبد ثلثمائة واثنان وأربعون درهما وستة أسباع يريد به أنا نفذنا الوصية له في ثلاثة أسباع المائة ، والموصى به محسوب من جميع ماله وثلاثة أسباع المائة اثنان وأربعون درهما وستة أسباع .

وطريق الجبر نقول : تنفذ الوصية للعبد في شيء ، ثم يقسم ذلك الشيء بين ورثته على ثمانية فيعود إلى المولى ثلاثة أثمان شيء فيصير في يد ورثته مال إلا خمسة أثمان شيء يعدل ذلك شيئين وبعد الجبر ، والمقابلة الثلثمائة تعدل شيئين وخمسة أثمان شيء انكسر بالأثمان فاضرب شيئين وخمسة أثمان في ثمانية فيكون إحدى وعشرين فتبين أن الثلثمائة تكون على أحد وعشرين ، ومعرفة الوصية أنا نفذنا الوصية في شيء وضربنا كل شيء في ثمانية فظهر أن تنفيذ الوصية كان في ثمانية من أحد وعشرين والتخريج كما بينا ، وعلى قول أبي يوسف ومحمد يدفع إلى المولى من تركة العبد مائتا درهم بقدر السعاية ويبقى له مائة ، ثم هذه المائة تقسم بين ورثته على ثمانية : ثلاثة من ذلك المولى ، ثم تنفذ الوصية في سهم من هذه الثلاثة ، ثم ذلك السهم يصير ميراثا بين العبد وبين ورثته على ثمانية فيعود ثلاثة إلى المولى ، وهو الدائر فيطرح ذلك من حق ورثة المولى يبقى حقهم في ثلاثة عشر وحق العبد في ثمانية ، ثم يعود بالميراث إليهم ثلاثة فيسلم لهم ستة عشر ، قد نفذنا الوصية في ثمانية فيستقيم ، فإنما كان العمل عندهما في ثلاثة أثمان المائة على نحو ما ذكرنا من العمل في جميع المال على أصل أبي حنيفة .

وإذا تأملت تبين لك أن الجواب متفق مع اختلاف التخريج ، وإن اعتبرت سهم الدور من جانب العبد قلت : السبيل أن يؤدي سعايته مائتي درهم يبقى له مائة درهم ، ثم هذه المائة تجعل بين ورثته على ثمانية : ثلاثة من ذلك للمولى ، ثم يعود سهم من هذه الثلاثة بالوصية إلى الابنة ، والمرأة وهذا هو السهم الدائر فنطرح من أصل حقهما سهما يبقى حقهما في أربعة ، ثم يعود إليهما بالوصية فيصير لهما خمسة ، وهو مقدار حقهما من الميراث : أربعة للابنة وسهم للمرأة فتبين أن هذه المائة صارت على سبعة أسهم ، والمائتان على أربعة عشر فيكون الجملة أحدا وعشرين ، وصل إلى ورثة المولى مرة أربعة عشر ومرة سهمين فذلك ستة عشر مقدار حقهما من الدراهم مائتان وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم .

وعلى طريق الجبر يجعل للمولى من هذه المائة ثلاثة أشياء ، ثم تنفذ الوصية في ثلثه ، وهو شيء يبقى مائة إلا شيئين يعدل ذلك خمسة أشياء ; لأن حاجتهما إلى خمسة أشياء لما سلم للمولى بالميراث ثلاثة أشياء فأجبر المائة بشيئين وزد على ما يعدله شيئين فتبين أن المائة التي هي مال يعدل سبعة أشياء ، وإن السالم [ ص: 31 ] للمولى من هذا المال الحاصل شيئان ، وذلك سبعاه مع المائتين فيكون مائتين وثمانية وعشرين درهما وأربعة أسباع .

ولو كان العبد ترك ابنتين وامرأة ومولاه ، والمسألة بحالها فالثلثمائة مقسومة على سبعة وستين سهما : للمولى من ذلك ثلاثة وأربعون سهما وخمسة أسهم مما بقي بميراثه وللابنتين ستة عشر سهما وللمرأة ثلاثة أسهم ، أما على أصل أبي حنيفة فلأن الثلثمائة كلها مال المولى من حيث الاعتبار فيكون للعبد ثلاثة بطريق الوصية ، ثم هذا الثلث ينقسم على أربعة وعشرين سهما بين ورثة العبد : للابنتين ستة عشر وللمرأة ثلاثة وللمولى خمسة ، فإذا صار الثلث على أربعة وعشرين يكون الثلثان ثمانية وأربعين ، ثم يعود خمسة بالميراث إلى المولى فيزداد ماله بهذه الخمسة ، وهي الدائرة فنطرحها من أصل حقه يبقى حقه في ثلاثة وأربعين ، وحق العبد في أربعة وعشرين فذلك سبعة وستون ، ثم يعود خمسة إلى ورثة المولى فيسلم لهم ثمانية وأربعون ، قد نفذنا الوصية في أربعة وعشرين فاستقام الثلث والثلثان .

وطريق الجبر السبيل أن نأخذ مالا مجهولا وتنفذ الوصية في شيء ، ثم يعود بالميراث من ذلك الشيء إلى المولى خمسة أسهم من أربعة وعشرين في يد ورثة المولى مالا إلا تسعة عشر جزءا من أربعة وعشرين جزءا من شيء يعدل ذلك شيئين ، وبعد الجبر ، والمقابلة ، المال يعدل شيئين وتسعة عشر جزءا من أربعة وعشرين جزءا من شيء فقد انكسر بجزء من أربعة وعشرين جزءا ، فالسبيل أن نضرب شيئين وتسعة عشر جزءا في أربعة وعشرين فيكون ذلك سبعة وستين ، فظهر أن المال صار على سبعة وستين سهما ، ومعرفة الوصية أنا نفذنا الوصية في شيء وضربنا كل شيء في أربعة وعشرين فظهر أن تنفيذ الوصية كان في أربعة وعشرين من سبعة وستين ، وإن جعلت السهم الدائر من جهة العبد فالسبيل فيه أن يؤدي من الثلثمائة سعاية العبد مائتي درهم يبقى مائة ، فهو مال العبد وميراث فيما بين ورثته على أربعة وعشرين سهما للمولى خمسة أسهم بالميراث ، ثم يرجع إلى العبد بثلث ذلك بالوصية ، وهو سهم وثلثا سهم فيطرح ذلك من حق العبد فيصير مال العبد ، وهو مائة درهم على اثنين وعشرين وثلث سهم ، والمائتان اللتان للمولى ضعف ذلك ، وذلك أربعة وأربعون وثلثان ، فالكل إذا سبعة وستون ، ثم ادفع إلى المولى من ذلك من مال العبد خمسة أسهم ، ثم يرجع من هذه الخمسة سهم وثلثان إلى العبد بالوصية فيصير تسعة عشر : للمرأة ثلاثة أسهم وللابنتين ستة عشر ، وللمولى ثمانية وأربعون مثلا ما كان للعبد وصية .

وعلى طريق الجبر نقول : السبيل فيه أن نجعل للعبد مالا ، ثم ندفع إلى المولى منه بالميراث خمسة [ ص: 32 ] أشياء ، ثم يرجع بالوصية شيء وثلثا شيء فيصير للعبد مال إلا ثلاثة أشياء وثلث شيء ، وذلك يعدل تسعة عشر شيئا ; لأنا قد جعلنا للمولى خمسة أشياء فحاجة الابنتين ، والمرأة إلى تسعة عشر فأجبر ذلك بثلاثة أشياء وثلث شيء وزد على ما يعدله مثله ، فظهر أن المال الكامل يعدل اثنين وعشرين وثلثا فقد انكسر بأثلاث فاضربه في ثلاثة فيكون سبعة وستين فلما صار المال اثنين وعشرين وثلثا ، قد جعلنا الميراث للمولى خمسة ، ثم يسترجع بالوصية سهم وثلثا سهم صارت تسعة عشر للمرأة ثلاثة وللابنتين ستة عشر فكان مستقيما

التالي السابق


الخدمات العلمية