الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو ترك ابنين فأوصى لرجل بمثل نصيب أحدهما وأوصى لآخر بمثل نصيب أحدهما ، فأجاز أحد الابنين لأحدهما ثم أجازا جميعا بعد ذلك للباقي ، فإن الفريضة من أربعة وخمسين سهما للموصى له الذي أجاز له أحدهما اثنا عشر سهما : تسعة منها بغير إجازة وثلاثة من نصيب الذي أجاز له خاصة وسهمان من نصيب الذي أجاز لصاحبه قبله ; لأنهما لو أجازا لهما الوصيتين كان المال بينهما أرباعا ، ولو لم يجيزا كان للموصى لهما ثلث المال فثلث المال سالم لهما بغير إجازة ، والثلثان بين الاثنين نصفان ، فيكون أصل المسألة من سبعة ثم حين أجاز أحد الابنين لأحدهما فقبول إجازته لأحدهما معتبرة بإجازتهما له ، ولو أجازا له لكان يضم نصيبه ، وهو سهم إلى نصيبهما ، وهو أربعة فيكون مقسوما بينهم أثلاثا لا يستقيم ، فيضرب ستة في ثلاثة فتكون ثمانية عشر : في يد كل واحد من الابنين ستة ، وفي يد كل واحد من الموصى لهما ثلاثة ، ثم يضم ما في يده منهم خمسة ، فحين أجاز الآخر ضممنا ما في يده ، وهو ثلاثة إلى ما في أيديهما ، وهو عشر فيكون ثلاثة عشر بينهم أثلاثا لا يستقيم ، فيضرب ثمانية عشر في ثلاثة ، فتكون أربعة وخمسين .

ومنه تصح المسألة في يد الموصى لهما الثلث ، وهو ثمانية عشر في يد كل واحد منهما تسعة وفي يد كل ابن ثمانية عشر فحين أجاز أحدهما لأحد الموصى لهما يعتبر إجازته بإجازتهما ، ولو أجاز كان يأخذ مما في يد كل واحد منهما ثلاثة حتى يصير له خمسة ويبقى لكل واحد منهما خمسة عشر ، فإذا أجاز أحدهما أخذ بما في يده ثلاثة حصته من الإجازة ، فتكون له اثنا عشر ، ثم لما أجاز الآخر ، فإنه يأخذ من الذي أجاز له خاصة ثلاثة أسهم مثل ما أخذه صاحبه من الأول ; لأن هذا أول مجيز في حقه ويأخذ من الآخر سهمين ; لأنهما لو كانا أجازا للأول ، ثم أجازا للآخر لكان يضم ما في يده ، وهو تسعة إلى ما في أيديهما ، وهو ثلاثون فيكون بينهم أثلاثا لكل واحد منهم ثلاثة عشر ، فعرفنا أن الذي يسلم له أربعة أسهم بهذه الإجازة في يد كل واحد منهما سهمان ، فيجعل فيما [ ص: 6 ] يأخذ هو من الذي أجازا للأول ، ثم أجازا له ، فإذا أخذ منه سهمين كان له أربعة عشر سهما : تسعة بغير إجازة وثلاثة من الذي أجاز له خاصة وسهمان مما أخذه من الآخر .

ولو ترك ثلاث بنين ، وأوصى لرجل بربع ماله ولآخر بمثل نصيب أحدهم ، فأجازوا فالفريضة من ستة عشر سهما ; لأنا نجعل أصل الحساب من أربعة لمكان الوصية بالربع ، فيعطى الموصى له بالربع سهمان بطريق الاعتبار ، والباقي بين البنين الثلاثة ، لكل ابن سهم فزيد على ذلك مثل النصيب سهم فيكون أربعة ، وقسمة الثلاث على أربعة لا يستقيم ، فيضرب أربعة في أربعة فتكون ستة عشر ، للموصى له بالربع أربعة ، والموصى له بمثل النصيب ربع ما بقي ، وهو ثلاثة وما بقي ، وهو تسعة بين البنين الثلاثة لكل ابن ثلاثة ، وإن لم يجيزوا فالثلث بينهما على سبعة أسهم في قول أبي يوسف ; لأنه يعتبر حال عدم الإجازة بحالة الإجازة على معنى أن كل ما واحد منهما يضرب في الثلث بسهام حقه غير الإجازة ، وحق صاحب الربع أربعة وحق صاحب النصف ثلاثة فيكون بينهما على سبعة .

وعند محمد رحمه الله الثلث بينهما نصفان ; لأن كل واحد منهما لو انفرد استحق ربع المال ، فإن من ترك ثلاثة بنين وأوصى بمثل نصيب أحدهم كان للموصى له ربع المال فعرفنا أن حقهما فيما أوجب بهذه الوصية سواء ، فيكون الثلث بينهما نصفين

التالي السابق


الخدمات العلمية