الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا كان العبد مع مولاه فقاتل بإذنه يرضخ له وكذلك الصبي والمرأة والذمي والمكاتب لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان لا يسهم للنساء والصبيان والعبيد وكان يرضخ لهم } ، وعن فضالة بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يرضخ للمماليك ولا يسهم لهم } ; ولأن العبد غير مجاهد بنفسه .

ألا ترى أن للمولى أن يمنعه من الخروج فلا يسوى بينه وبين الحر الذي هو أهل للجهاد بنفسه في استحقاق السهم ولكن يرضخ له إذا قاتل لمعنى التحريض ، والصبي والمرأة ليس لهما قوة الجهاد بأنفسهما ولهذا لا يلحقهما فرض الجهاد ، والذمي ليس من أهل الجهاد بنفسه فإن الكفار لا يخاطبون بالشرائع ما لم يسلموا ، والرق في المكاتب قائم ويتوهم أن يعجز فيمنعه المولى من الخروج إلى الجهاد وإن كان العبد في خدمة مولاه وهو لا يقاتل لا يرضخ له أيضا لأن مولاه التزم مؤنته لخدمته لا للقتال به بخلاف الأول فإنه التزم مؤنته للقتال به ونظيره ما قررناه من بيع الفرس ، وأهل سوق العسكر إن لم يقاتلوا فلا يسهم لهم ولا يرضخ لأن قصدهم التجارة لا إرهاب العدو وإعزاز الدين فإن قاتلوا استحقوا السهم لأنه تبين بفعلهم أن قصدهم القتال ومعنى التجارة تبع لذلك ، فحالهم كحال التاجر في طريق الحج لا ينتقص به ثواب حجه وفيه نزل قوله تعالى { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } .

التالي السابق


الخدمات العلمية