الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا ولد للمرتدين في دار الحرب ولد ثم ولد لولدهما ولد ثم وقع الظهور عليهم ، أجبر ولدهما على الإسلام ، ولم يجبر ولد ولدهما على الإسلام ; لأن حكم الإسلام قد ثبت لولدهما باعتبار أن الأبوين كانا مسلمين في الأصل ، والولد تابع لهما فكذلك يجبر على الإسلام ، فأما ولد الولد لم يثبت له حكم الإسلام ; لأنه تابع لأبيه في الدين لا لجده ، وأبوه ما كان مسلما قط .

ألا ترى أنه لو أسلم الجد لا يصير ولد الولد مسلما بإسلامه فكذلك لا يجبر على الإسلام بإسلام جده ، وهذا لأنه لو اعتبر إسلام جده في حق النافلة كان الجد الأعلى والأدنى في ذلك سواء ، فيؤدي إلى أن يكون الكفار كلهم مرتدين يجبرون على الإسلام بإسلام جدهم آدم أو نوح عليهما السلام ، وذكر في النوادر أنهما إذا ارتدا أو لحقا بولد صغير لهما بدار الحرب فولد لذلك الولد بعدما كبر ثم ظهر المسلمون على ولد الولد فهو [ ص: 116 ] يجبر على الإسلام في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ، ولا يجبر عليه في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ; لأن هذا الولد ما كان مسلما بنفسه ، وإنما ثبت حكم الإسلام في حقه تبعا فهو والمولود في دار الحرب بعد ردتهما سواء ، وهما يقولان قد كان هذا الولد محكوما بإسلامه تبعا لأبويه أو لدار الإسلام ، والولد يتبع أباه في الدين فإذا كان الأب مسلما في وقت يثبت لولده حكم الإسلام ، فيجبر على الإسلام ، بخلاف ما إذا ولد في دار الحرب بعد ردتهما ; لأن هذا الولد لم يكن مسلما قط .

التالي السابق


الخدمات العلمية