وإن كان لم يجب إلى ذلك ; لأن التقرير على الظلم مع إمكان المنع منه حرام ، ولأن الذمي من يلتزم أحكام الإسلام فيما يرجع إلى المعاملات فشرطه بخلاف موجب العقد باطل ، كما لو أسلم بشرط أن يرتكب شيئا من الفواحش كان الشرط باطلا ، والأصل فيه ما روي أن وفد طلب الذمة على أن يترك يحكم في أهل مملكته بما شاء من قتل أو صلب أو غيره مما لا يصلح في دار الإسلام ثقيف جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : نؤمن بشرط أن لا ننحني للركوع والسجود فإنا نكره أن تعلونا أستاهنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : لا خير في دين لا صلاة فيه ، ولا خير في صلاة لا ركوع فيها ولا سجود } ، فإن أعطي الصلح ، والذمة على هذا بطل من شروطه ما لا يصلح في الإسلام لقوله صلى الله عليه وسلم { } ، فإن رضي بما يوافق حكم الإسلام ، فإنه أبلغ مأمنه هو ، وأصحابه ; لأن عقد الذمة يعتمد الرضى ، وما تم رضاه بدون هذا الشرط ، وقد تعذر الوفاء بهذا الشرط فإذا أبى أن يرضى بدون هذا الشرط يبلغ مأمنه كغيره من المستأمنين ، فإن التحرز عن الغدر واجب قال صلى الله عليه وسلم { كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل : في العهود ، وفاء لا غدر فيه } بخلاف ما لو أسلم بشرط أن لا يصلي ، فإن الإسلام صحيح بدون تمام الرضى كما لو أسلم مكرها ، ولا يترك بعد صحة إسلامه ليرتد فيرجع إلى الكفر .