ولو أن فهو فيء لجماعة المسلمين في قول حربيا دخل دار الإسلام بغير أمان فأخذه واحد من المسلمين رحمه الله تعالى ، وهي رواية أبي حنيفة بشر عن رحمه الله تعالى ، وظاهر المذهب عند أبي يوسف ، وهو قول أبي يوسف رحمهما الله تعالى أنه لمن أخذه خاصة ، وحجتهما في ذلك أن يد الآخذ سبقت إليه ، وهو مباح في دارنا فمن سبقت يده إليه صار محرزا له فاختص بملكه كالصيد والحطب والركاز الذي يجده في دار الإسلام ، وهذا لأنه وإن دخل دارنا فلم يصر به مأخوذا مقهورا لعدم علم المسلمين به . محمد
ألا ترى أنه لو عاد إلى دار الحرب قبل أن يعلم به كان حرا ، فإنما صار مقهورا بالأخذ فكان للآخذ خاصة كما لو أخذه في دار الحرب وأخرجه رحمه الله تعالى فيه طريقان : أحدهما : أن نواحي دار الإسلام تحت يد إمام المسلمين ، ويده يد جماعة المسلمين فهو كما دخل دار الإسلام صار في يد المسلمين حكما فصار مأخوذا ، وثبت فيه حق جماعة المسلمين فمن أخذه بعد ذلك ، فإنما استولى على ما ثبت فيه حق المسلمين فلا يختص به ، كما إذا استولى على مال بيت المال ، ولكن هذه اليد حكمية فتظهر في حق المسلمين ، ولا تظهر في حق أهل الحرب ; فلهذا إذا عاد إلى دار الحرب قبل أن يعلم به كان حرا حربيا على حاله ، ولأن الحق الثابت فيه ضعيف فهو بمنزلة حق الغانمين في دار الحرب ، وهناك من عاد من الأسرى إلى منعة أهل الحرب قبل الإحراز يكون حرا فهنا من عاد قبل أن يعلم به يكون حرا ، ولكنه لا يختص به الآخذ لثبوت الحق للجماعة [ ص: 94 ] فيه ، والثاني : أن الآخذ إنما تمكن منه بقوة المسلمين ; لأنه يزدان مثله يدفعه عن نفسه ، فإنما صار قاهرا له بقوة المسلمين فلهذا لا يختص به ، وهو نظير السرية مع الجيش في دار الحرب فإن السرية لا تختص بما أخذت ; لأن تمكنهم بقوة الجيش فهذا مثله ، والمسلمون بمنزلة المدد للآخذ ، وتأكد الحق بالأخذ والإحراز ، وقد شاركوه في الإحراز ، وإن اختص هو بالأخذ ، وقد بينا أن المدد يشاركون الجيش إلا أن الإحراز هناك بعد الأخذ ، وههنا الإحراز سبق الأخذ ، فإذا شاركوه بالمشاركة في الإحراز بعد الأخذ ، فلأن يشاركوه بالإحراز منهم قبل أخذه أولى ، وبه فارق الصيد والحطب ; لأن تمكنه من هذه الأشياء لم يكن بقوة المسلمين إذ لا دفع في المال ، ولكن الطريق الأول أصح ، فإن على قول ولأبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا أسلم قبل أن يؤخذ فهو رقيق للمسلمين ، ومن أسلم قبل الأخذ فحريته تتأكد بإسلامه كما لو أسلم في دار الحرب ، فلولا أنه صار مأخوذا بالدار لكان حرا إذا أسلم قبل أن يؤخذ أبي حنيفة وعندهما إذا أسلم قبل أن يؤخذ فهو حر لا سبيل عليه ; لأن سبب الرق فيه الأخذ ، والمسلم لا يسترق فكان حرا .