فإن فكذلك يفعل به في كل مرة فإذا أسلم خلي سبيله لقوله تعالى { ارتد ثانيا وثالثا فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } ، وكان علي رضي الله عنهما يقولان إذا ارتد رابعا لم تقبل توبته بعد ذلك ، ولكن يقتل على كل حال ; لأنه ظهر أنه مستخف مستهزئ ، وليس بتائب ، واستدلا بقوله عز وجل { وابن عمر إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم } ، ولكنا نقول : الآية في حق من ازداد كفرا لا في حق من آمن وأظهر التوبة والخشوع فحاله في [ ص: 100 ] المرة الرابعة كحاله قبل ذلك ، وإذا أسلم يجب قبول ذلك منه لقوله تعالى : { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا } .
وروي أن رضي الله عنه حمل على رجل من المشركين فقال : لا إله إلا الله فقتله فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال { أسامة بن زيد } إلا أنه ذكر في النوادر أنه إذا تكرر ذلك منه يضرب ضربا مبرحا لجنايته ثم يحبس إلى أن يظهر توبته وخشوعه ، وعن أقتلت رجلا قال لا إله إلا الله من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة ، فقال : إنما قالها تعوذا ، فقال : هلا شققت عن قلبه ؟ ، فقال : لو فعلت ذلك ما كان يتبين لي فقال صلى الله عليه وسلم : فإنما يعبر عن قلبه لسانه رحمه الله تعالى أنه إذا فعل ذلك مرارا يقتل غيلة ، وهو أن ينتظر فإذا أظهر كلمة الشرك قتل قبل أن يستتاب ; لأنه قد ظهر منه الاستخفاف . أبي يوسف