الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا نقض قوم من أهل الذمة العهد ، وغلبوا على مدينة فالحكم فيها كالحكم في المرتدين إلا أن للإمام أن يسترق رجالهم بخلاف المرتدين ; لأنهم كفار في الأصل ، وإنما كانوا لا يسترقون لكونهم من أهل دارنا ، وقد بطل ذلك حين نقضوا العهد ، وصارت دارهم دار الحرب ، فأما المرتدون كانوا مسلمين في الأصل فلا يقبل منهم إلا السيف أو الإسلام ، وكذلك إن رجع الذين كان نقضوا العهد إلى الصلح والذمة قبل ذلك منهم بخلاف المرتدين ; لأنهم لما نقضوا العهد التحقوا بالحربيين ، وأهل الحرب إذا انقادوا للذمة قبل ذلك منهم بخلاف المرتدين ، والأصل أن من جاز استرقاقه جاز إبقاؤه على الكفر بالجزية ; لأن القتال ينتهي بكل واحد من الطريقين ، وفيه منفعة للمسلمين ، ثم إذا عادوا إلى الذمة أخذوا بالحقوق التي كانت قبل نقض الذمة عليهم من القصاص والمال لبقاء نفوسهم وذممهم على ما كانت قبل نقض العهد ، ونقض العهد كان عارضا ، فإذا انعدم صار كأن لم يكن ، ولم يؤخذوا بما أصابوا في المحاربة ; لأنهم أهل حرب حين باشروا السبب ، وقد بينا أن أهل الحرب لا يضمنون ما أتلفوا من النفوس والأموال في حال حربهم إذا تركوا المحاربة بالإسلام أو الذمة ، وكذلك المرتدون في هذا هم بمنزلة أهل الذمة ; لأن القصاص المستحق عليهم عقوبة ثابتة لحق المسلم والردة ، ونقض العهد لا ينافيهما ، وإن تعذر استيفاؤها لقصور يد صاحب الحق عمن عليه ، والمال كذلك ، فإذا تمكن من الاستيفاء كان له أن يستوفي حقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية