وأما حرام لما روي عن النظر إلى العورة رضي الله عنه قال : لأن أخر من السماء فانقطع نصفين أحب إلي من أن أنظر إلى عورة أحد أو ينظر أحد إلى عورتي { سلمان } { ولما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الوعيد [ ص: 156 ] في كشف العورة قيل : يا رسول الله فإذا كان أحدنا خاليا فقال : إن الله أحق أن يستحى منه } ولكن مع هذا إذا جاء العذر فلا بأس بالنظر إلى العورة لأجل الضرورة فمن ذلك أن الخاتن ينظر ذلك الموضع والخافضة كذلك تنظر لأن الختان سنة وهو من جملة الفطرة في حق الرجال لا يمكن تركه وهو مكرمة في حق النساء أيضا ومن ذلك عند الولادة المرأة تنظر إلى موضع الفرج وغيره من المرأة لأنه لا بد من قابلة تقبل الولد وبدونها يخاف على الولد وقد { وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إبل الصدقة فرأى راعيها تجرد في الشمس فعزله وقال : لا يعمل لنا من لا حياء له جوز رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة القابلة على الولادة } فذاك دليل على أنه يباح لها النظر وكذلك ينظر الرجل إلى موضع الاحتقان عند الحاجة أما عند المرض فلأن الضرورة قد تحققت والاحتقان من المداواة وقال صلى الله عليه وسلم { } وقد روي عن : تداووا عباد الله فإن الله لم يخلق داء إلا وخلق له دواء إلا الهرم رحمه الله تعالى أنه إذا كان به هزال فاحش وقيل له : إن الحقنة تزيل ما بك من الهزال فلا بأس بأن يبدي ذلك الموضع للمحتقن وهذا صحيح فإن الهزال الفاحش نوع مرض يكون آخره الدق والسل وحكي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى قال : إذا قيل له أن الحقنة تقويك على المجامعة فلا بأس بذلك أيضا ولكن هذا ضعيف لأن الضرورة لا تتحقق بهذا الشافعي لا يجوز وإذا وكشف العورة من غير ضرورة لمعنى الشهوة لا ينظر إليه ولكن يعلم امرأة دواءها لتداويها لأن نظر الجنس إلى الجنس أخف . أصاب امرأة قرحة في موضع لا يحل للرجل أن ينظر إليه
ألا ترى أن المرأة تغسل المرأة بعد موتها دون الرجل وكذلك في امرأة العنين ينظر إليها النساء فإن قلن : هي بكر فرق القاضي بينهما وإن قلن : هي ثيب فالقول قول الزوج مع يمينه والمقصود بيان إباحة النظر عند الضرورة فأما ما وراء ذلك من الفرق بين الأخبار ببكارتها وثيابتها ليس من مسائل هذا الكتاب وحاصله أن شهادتهن متى تأيدت بمؤيد كانت حجة والبكارة في النساء أصل فإذا قلن أنها بكر تأيدت شهادتهن بما هو الأصل وإن قلن هي ثيب تجردت شهادتهن عن مؤيد فلا بد من أن يستحلف الزوج حتى ينضم نكوله إلى شهادتهن وكذلك لو فإن النساء ينظرن إليها للحاجة إلى فصل الخصومة بينهما فإن قلن هي بكر فلا يمين على البائع لأن شهادتهن قد تأيدت بأصل البكارة وبمقتضى البيع وهو اللزوم ; وإن قلن ثيب [ ص: 157 ] يستخلف البائع لتجرد شهادتهن عن مؤيد فإذا انضم نكول البائع إلى شهادتهن ردت عليه وإن اشترى جارية على أنها بكر فقبضها وقال : وجدتها ثيبا ولم يقدروا على امرأة تعلم ذلك إذا علمت وخافوا أن تهلك أو يصيبها بلاء أو وجع لا تحتمله فلا بأس أن يستروا منها كل شيء إلا موضع تلك القرحة ثم يداويها رجل ويغض بصره ما استطاع إلا عن ذلك الموضع لأن نظر الجنس إلى غير الجنس أغلظ فيعتبر فيه تحقق الضرورة وذلك لخوف الهلاك عليها وعند ذلك لا يباح إلا بقدر ما ترتفع الضرورة به وذوات المحارم وغيرهم في هذا سواء لأن النظر إلى موضع العورة لا يحل بسبب المحرمية فكان المحرم وغير المحرم فيه سواء لم يجدوا امرأة تداوي تلك القرحة