وكذلك على الثمن الأول ; لأن المسمى لا ينقسم على ذرعان الثوب باعتبار الأجزاء ، والذرع صفة في الثوب وانقسام الثمن لا يكون على الأوصاف فقد تتفاوت أطراف الثوب الواحد إذا ذهب نصفه ألا ترى أنه يشتري ذراعا من أحد جانبيه بثمن لا يشتري بمثله من جانب آخر بخلاف القفزان من الصبرة الواحدة ، وهكذا الثوب الواحد إذا ذهب نصفه أو احترق أو أحرقه إنسان أو باعه أو وهبه فلا يبيع النصف الباقي مرابحة ، فإن اقتسما الثمن عليهما باعتبار القيمة ، وكذلك إن اشترى عدل زطي بألف درهم ، وإن كان أخذ كل ثوب بعشرة دراهم فله أن يبيع كل ثوب منها مرابحة على عشرة في قول الثوبان إذا اشتراهما صفقة واحدة فلا يبيع أحدهما مرابحة دون الآخر أبي حنيفة ، وقال وأبي يوسف - رحمه الله تعالى - لا يبيع شيئا من ذلك مرابحة حتى يبين أنه اشتراه مع غيره ; لأن من عادات التجار ضم الجيد إلى الرديء وبيعهما بثمن واحد مع التفضل فيرغب المشتري في شراء الرديء لما له من المقصود في الجيد ويرغب البائع في بيع الجيد لما له من المقصود في ترويج الرديء فلو جوزنا له أن يبيع أحدهما مرابحة من غير بيان لأمسك الجيد وباع الرديء مرابحة ، وإذا علم منه المشتري أنه كان معه في العقد أجود منه لم يعطه ربحا عن ما سمى فيه من الثمن فلأجل هذا العرف استحسن محمد وقال : لا يبيعه مرابحة حتى يبين ، والقياس ما قال فإن حصة كل واحد منهما من الثمن مسمى معلوم فله أن يبيعه مرابحة كما لو كان في عقدين ومثل هذا العرف الذي اعتبره محمد يوجد في العقدين أيضا فقد يسامح الإنسان لمن يعامله في ثمن جيد من الترويج عليه رديئا بعده بثمن مثل ذلك الثمن ، ثم لم يعتبر ذلك ; لأن اعتبار العادة عند عدم النص ، فأما عند وجود النص فلا يعتبر بالعادة فكذلك هنا بعد التنصيص على ثمن كل واحد منهما [ ص: 82 ] لا يعتبر بالعادة محمد