الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : وإذا اشترى شاة فولدت قبل القبض فليس للمشتري أن يترك البيع ; لأن الولادة زيادة في البهائم فلا يتمكن بها نقصان في الأصل فالمشتري يجبر على قبضها ; لأنه لما كان راضيا بلزوم العقد قبل حدوث الزيادة فهو راض بلزومه بعد حدوثها ، فإن وجد بالأم عيبا قبل القبض فهو بالخيار إن شاء أخذهما بجميع الثمن وإن شاء تركهما جميعا وليس له أن يأخذ إحداهما دون الأخرى ; لأن الزيادة قبل القبض تبع في العقد لا حصة لها من الثمن ، وثبوت الحكم في التبع بثبوته في الأصل ولأنه لو رد الأصل وحدها ردها بجميع الثمن إذ لا حصة للولد ما لم يصر مقصودا بالقبض وبعدما ردها بجميع الثمن لو بقي العقد في الولد أخذه بغير شيء فيكون فضلا خاليا عن المقابلة مستحقا بالتبع مقبوضا به وهو الربا بعينه وإن وجد بالولد عيبا فلا خيار له فيه وهما لازمان له ; لأن بوجود العيب يظهر فوات جزء من الولد ، ولو مات الولد قبل القبض أخذ الأم بجميع الثمن ولا خيار له فيها فكذلك إذا فات جزء من الولد ; وهذا لأن الزيادة لما فاتت من غير صنع أحد صارت كأن لم تكن وقبل حدوثها كان العقد لازما له في الأصل بجميع الثمن فكذلك بعد فواتها وهذا بخلاف ما إذا وجد العيب بالولد بعدما قبضهما ; لأن الولد بالقبض صار مقصودا فصار له حصة من الثمن فباعتبار العوض بمقابلته يستحق المشتري صفة السلامة فيه ، فإذا وجد المشتري به عيبا رده فأما قبل القبض فلا حصة له من الثمن واستحقاق صفة السلامة عن العيب باعتبار العوض ، ألا ترى أنه لا يستحق ذلك في الموهوب وإن كان البائع هو الذي [ ص: 188 ] قتل الولد فقد صار الولد مقصودا بإتلاف البائع إياه ولو صار مقصودا بقبض المشتري إياه كان له حصة من الثمن فكذلك إذا صار مقصودا بإتلاف البائع وقد قررنا هذا في طرف المبيع أنه إذا فات من غير صنع أحد لا يسقط شيء من الثمن ، وإذا أتلفه البائع يسقط حصته من الثمن فكذلك هذا في الولد الذي هو تبع فيقسم الثمن على قيمة الأم وقت البيع وعلى قيمة الولد يوم قتله البائع فما أصاب الولد بطل عن المشتري وأخذ الأم بما بقي ولا خيار له في ذلك عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله له الخيار وهذه هي الخلافية التي ذكرناها في الثمار وتنصيصه على الخلاف هنا يكون تنصيصا ثمة إذ لا فرق بينهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية