صح العقد ولزم فبالإفلاس الطارئ لأن لا ترتفع صفة اللزوم أولى بخلاف جانب المبيع فهناك ابتداء العقد مع العجز عن التسليم لإباق العبد لا يجوز فإن رضي به المشتري فكذلك [ ص: 199 ] إذا طرأ العجز فإنه يثبت للمشتري حق الفسخ فإن قيل كيف يستقيم هذا وقد قلتم إن أول التسليمين على المشتري فلو لم يكن تسليم الثمن مستحقا بالعقد لم يتأخر حقه في قبض المبيع إلا أن يؤدي الثمن قلنا وجوب أول التسليمين عليه لتحقيق معنى التسوية بينهما ; لأن ذلك موجب العقد على ما قررنا أن العقد عقد تمليك فيقتضي التسوية بين المتعاقدين في الملك وقد حصل الملك لكل واحد منهما بالعقد إلا أن الملك في العين أكمل منه في الدين فعلى المشتري تسليم الثمن أولا ليتقوى به ملك البائع فكان ذلك من حكم الملك لا أن يكون موجب العقد ولئن سلمنا أنه من حكم العقد لاقتضى التسوية ولكن هذا المعنى قد انعدم بتسليم البائع لما بيع طوعا فهو كما لو انعدم بالتأجيل في الثمن فلا يبقى له بعد ذلك حق فسخ البيع وإن والمفلس إذا اشترى شيئا والبائع يعلم أنه مفلس وهذا بخلاف الفلوس إذا كسدت ; لأنه تغير هناك موجب العقد فيتغير فموجب العقد ملك فلوس هي ثمن وبعد الكساد لا يبقى له في ذمة المشتري فلوس بهذه الصفة فأما بعد إفلاس المشتري فيبقى الثمن في ذمته مملوكا للبائع كما استحقه بالعقد وهذا بخلاف الكتابة ; لأن هناك يعجز المكاتب بغير موجب العقد فموجب ملك المولى بدل الكتابة عند حلول الأجل ولا يملكه إلا بالقبض ; لأن المكاتب عبد له والمولى لا يستوجب دينا في ذمة عبده ولهذا لو كفل له إنسان ببدل الكتابة عن المكاتب لم تصح الكفالة وللمكاتب أن يعجز نفسه ، فإذا لم يكن له ذلك دينا حقيقة قلنا الملك للمولى إنما يثبت بالقبض وإذا تعذر عليه استيفاء الثمن لإفلاس المشتري فقد تغير ما هو موجب العقد عليه فلهذا من فسخ العقد وهنا بإفلاس المشتري لا يتغير ملك البائع في الثمن فإنه مملوك دينا في ذمة المشتري ولسنا نسلم أن الدين في ذمة المفلس ثاو فإن المديون إذا كان مقرا بالدين فهو قائم حقيقة وحكما مفلسا كان أو مليا ولهذا قال عجز المكاتب عن الأداء يجب على صاحب الدين الزكاة بمعنى إذا قبضه ، فإذا لم يتغير موجب العقد لا يتمكن من فسخ العقد ، والله أعلم . أبو حنيفة