( قال رحمه الله ) قال : يطبخها حتى يبقى منها رطلان ، وتسعا رطل ; لأن الرطل الذاهب بالغليان في المعنى داخل فيما بقي ، وكان الباقي قبل أن ينصب منه شيء تسعة أرطال ، فعرفنا أن كل رطل من ذلك في معنى رطل ، وتسع ; لأن الذاهب بالغليان اقتسم على ما بقي أتساعا ، فإن انصب منه ثلاثة أرطال ، وثلاثة أتساع رطل يكون الباقي ستة أرطال ، وستة أتساع رطل ، فيطبخه حتى يبقى منه الثلث ، وهو رطلان ، وتسعا رطل . رجل طبخ عشرة أرطال عصير حتى ذهب منه رطل ، ثم أهراق ثلاثة أرطال منه ثم أراد أن يطبخ البقية حتى يذهب ثلثاها كم يطبخها
ولو كان ذهب بالغليان رطلان ثم إهراق منه رطلان قال : يطبخه حتى يبقى منه رطلان ، ونصف ; لأنه لما [ ص: 38 ] ذهب بالغليان رطلان ، فالباقي ثمانية أرطال كل رطل في معنى رطل ، وربع ، فلما انصب منه رطلان ، فالذي انصب في المعنى رطلان ، ونصف ، والباقي من العصير سبعة أرطال ، ونصف ، وإن ذهب بالغليان خمسة أرطال ، ثم انصب رطل واحد منه ، أو أخذ رجل منه رطلا قال يطبخ الباقي حتى يبقى منه رطلان ، وثلثا رطل ; لأنه لما ذهب بالغليان خمسة أرطال ، فما ذهب في المعنى داخل فيما بقي ، وصار كل رطل بمعنى رطلين ، فلما انصب من الباقي رطل كان الباقي بعده من العصير ثمانية أرطال ، فيطبخه إلى أن يبقى ثلث ثمانية أرطال ، وذلك رطلان ، وثلثا رطل ، وفي الكتاب أشار إلى طريق آخر في تخريج جنس هذه المسائل ، فقال : السبيل أن يأخذ ثلث الجميع ، فيضربه فيما بقي بعد ما انصب منه ، ثم يقسمه على ما بقي بعد ما ذهب بالطبخ قبل أن ينصب منه شيء ، فما خرج بالقسمة ، فهو حلال ما بقي منه ، وبيان هذا : أما في المسألة الأولى ، فتأخذ ثلث العصير ثلاثة ، وثلثا ، وتضربه فيما بقي بعدما انصب منه ، وهو ستة ، فيكون عشرين ، ثم تقسم العشرين على ما بقي بعد ما ذهب بالطبخ منه قبل أن ينصب منه شيء ، وذلك تسعة ، وإذا قسمت عشرين على تسعة ، فكل جزء من ذلك اثنان وتسعان ، فعرفنا أن حلال ما بقي رطلان ، وتسعا رطل .
وفي المسألة الثانية تأخذ أيضا ثلاثة وثلثا ، وتضربه فيما بقي بعد الانصباب ، وهو ستة ، فيكون عشرين ، ثم تقسم ذلك على ما بقي بعد الطبخ قبل الانصباب ، وهو ثمانية ، فكل قسم من ذلك اثنان ، ونصف ، فعرفنا أن حلال ما بقي منه رطلان ، ونصف .
وفي المسألة الثالثة تأخذ ثلاثة ، وثلثا ، وتضربه فيما بقي بعد الانصباب ، وهو أربعة ، فيكون ثلاثة عشر ، وثلثا ، ثم تقسمه على ما بقي قبل الانصباب بعد الطبخ ، وذلك خمسة ، فيكون كل قسم اثنين ، وثلثين ، فلهذا قلنا يطبخه حتى يبقى رطلان ، وثلثا رطل ، وفي الأصل قال : حتى يبقى رطلان ، وثلاثة أخماس ، وثلث خمس ، وذلك عبارة عن ثلثي رطل إذا تأملت ، وربما يتكلف بعض مشايخنا - رحمهم الله - لتخريج هذه المسائل على طريق الحساب من الجبر ، والمقابلة ، وغير ذلك ، ولكن ليس في الاشتغال بها كثير فائدة هنا ، والله أعلم .