ولو كان ، فإن قال القابض : أخذتها على أن تكون في يدي مثل الوديعة حتى أردها على صاحبها ، فالقول قوله مع يمينه ; لأن الإكراه شاهد له على أنه غير راغب في تمليكها ، فيكون الضمان على المكره خاصة ، وإن قال أخذتها على وجه الهبة لتسلم لي كان لرب المال أن يضمنه إن شاء ، وإن شاء المكره ; لأن الموهوب له قبض مال الغير على وجه التملك بغير رضا صاحبه ، وهو طائع في ذلك القبض على هذا القصد ، فيكون ضامنا للمال ، وأما المكره ، فلأن الدافع ملجأ من جهته ، فيجعل كأنه قبضه بنفسه ، ودفعه إليه ، فإن ضمن المكره - رجع على الموهوب له ; لأنه قائم مقام من ضمنه ; لأن المكره ما قصد مباشرة الهبة من جهته ، فلا يمكن تنفيذ الهبة من جهته بملكه إياه ، وفي الأصل أشار إلى حرف آخر ، فقال ; لأنه إنما ضمن المال بقبض الموهوب له ، وقد كانت الهبة قبل القبض ، فلا يجعل الذي أكرههما بمنزلة الواهب ، وما قلناه أوضح ; لأنا إذا جعلنا القابض مكرها ، وكان المكره ضامنا باعتبار نسبة القبض إليه لا يبقى في جانب القابض سبب موجب للضمان عليه ، والدليل عليه أنه قال : فإن ضمن الموهوب له لم يكن على الذي أكرهه شيء ; لأنه أخذه على أنه له . أكره صاحب المال على أن يهبه لصاحبه ، وأكره الآخر على أن يقبل الهبة منه ، ويقبضها بوعيد تلف ، فقبضها ، فضاعت عنده
ولو كان القبض منسوبا إلى المكره كان للقابض أن يرجع على المكره بما يلحقه من الضمان بسببه ، فإن كان الموهوب له بحيث يتمكن من الإشهاد عند الهبة أن يقبضه للرد ، فلم يفعل كان ضامنا بترك الإشهاد ; لأن القبض بحكم الهبة عمل منه لنفسه ، فلا يقبل قوله بخلاف ما صرح به إلا عند [ ص: 80 ] الضرورة ، وهو ما إذا لم يكن متمكنا من الإشهاد ; لأنا رأينا أن في موضع الضرورة يجعل القول قوله فيما في ضميره كالمكره على الكفر إذا قال بعد ما تكلم بالكفر كنت مطمئن القلب بالإيمان قبل قوله ، ولم تبن منه امرأته ، فأما عند تمكنه من الإشهاد بلا ضرورة ، فلا يقبل قوله بمنزلة من كان ضامنا له إلا أن يشهد عند ذلك أنه يأخذه ليرده على مولاه ، فإذا أشهد لم يضمن ، وكذلك إن لم يكن متمكنا من الإشهاد يقبل قوله في ذلك . وجد عبدا آبقا لرجل في يد غيره ، فلم يقدر على استرداده منه إلا بشراء ، أو هبة فطلب ذلك منه حتى ، وهب له ، أو اشتراه