ولو ، وهو أكثر من الدية ، أو أقل فلا بأس بأن يأخذ المال ، أو يستهلكه ، ويكون ضمانه [ ص: 139 ] على المكره ; لأن الإلجاء قد تحقق ، ويباح إتلاف المال عند الإلجاء كما لو أكره عليه بعينه ويصير هو في ذلك آلة للمكره ، فضمانه على المكره ، وإن قتل الرجل قتل به الذي ، ولي القتل ; لأنه لما أبيح له الإقدام على إتلاف المال ، ولا يلحقه بذلك إثم ، ولا ضمان كان هو غير مضطر في الإقدام على القتل ، فيكون بمنزلة الطائع ، فيلزمه القود ، وهو نظير ما تقدم من مسألة الميتة ، وشرب الخمر إلا أن هنا إن لم يفعل واحدا منهما حتى قتل كان غير آثم في ذلك بخلاف مسألة الميتة ; لأن الحرمة هناك لحق الشرع ، وحالة الضرورة مستثناة من الحرمة شرعا ، وهنا بخلافه ، فإن تناول مال الغير ، واستهلاكه بغير رضاه ظلم في حق صاحب المال والظلم حرام إلا أن بسبب الضرورة يباح له الإتلاف شرعا مع بقاء حق الملك في المال ، فلهذا وجب الضمان له على المكره جبرانا لحقه ، فإذا امتنع من ذلك كان ممتنعا من الظلم ، فلا يأثم به . قال له لأقتلنك ، أو لتقتلن هذا المسلم أو تأخذ ماله ، فتستهلكه
( ألا ترى ) أن المضطر إلى طعام الغير يسعه أن يأخذه بغير رضا صاحبه ، فإن أبى صاحبه أن يعطيه ، فلم يأخذ حتى مات لم يكن آثما في تركه لهذا المعنى ، فكذلك المكره .
( ألا ترى ) أنه لو قيل : له لنقتلنك أو لتدلنا على مالك ، فلم يفعل حتى قتل لم يكن آثما ، فإذا كان لو قتل في دفعه عن مال نفسه لم يكن آثما ، فكذلك إذا امتنع عن استهلاك مال الغير حتى قتل قال : ولو أثم في هذا في ماله ، أو مال غيره ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم { } ، وهذا حديث مشهور أشار إلى الاستدلال به من حيث إنه لو قتل دفعا عن مال نفسه أو عن مال غيره كان شهيدا ، فكيف لا يكون شهيدا في دفع ما لا يسعه الإقدام عليه ، فبهذا تبين أنه لا يأثم إذا امتنع من ذلك كله ، وكذلك لو : من قتل دون ماله ، فهو شهيد لم يأثم ; لأنه بذل نفسه دفعا عن ملك محترم له ، فإن ملك النكاح محترم لملك المال ، وربما يكون الاحترام لملك النكاح أظهر ، فلا يكون هو آثما ، وإن كان يسعه الإقدام على كل واحد منهما لتحقق الضرورة . قال : لأقتلنك ، أو لتطلقن امرأتك ، أو لتعتقن عبدك ، فلم يفعل حتى قتل