ولو أن
nindex.php?page=treesubj&link=24984_15117غلاما أدرك مفسدا ، فلم يرفع أمره إلى القاضي حتى باع شيئا من تركة والده ، وأقر بديون ، ووهب هبات ، وتصدق بصدقات ، ثم رفع أمره إلى القاضي ، فإنه يبطل جميع ذلك ، وهو محجور عليه ، وإن لم يحجر عليه القاضي ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله ، فأما عند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله ، فهذا كله صحيح منه ما لم يحجر عليه القاضي واستدل
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد على
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف بمنع المال منه ، فإن الوصي لا يدفع إليه ، ولو لم يكن محجورا عليه قبل حجر القاضي لما منع المال منه ، ومن يقول : لا يدفع إليه ماله لم يكن محجورا عليه قبل حجر القاضي لما منع ، ويكون تصرفه جائزا ، فقد دخل فيما قال الذين لم يروا الحجر شيئا ، فإنا ما احتججنا عليهم إلا بهذا ولم يكن بين هذا القائل وبينهم افتراق في رد الآية يعني قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6، فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم } ، فإنما عرض في هذا الكلام
nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة ، ومن قال بقوله رحمهم الله قال رحمه الله ، وكان شيخنا الإمام رحمه الله يقول : إنه في هذه الكلمات جاوز حد نفسه ، ولم يراع حق الاستناد ، ولأجل هذا لم يبارك له فيه حتى لم يكثر له تفريعه في هذا الكتاب ، ولا في كتاب الوقف ولو كان
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله في الأحياء لدمر عليه ، وكل مجرى في الحلائس ، فإن كان هذا المفسد قبض ثمن ما باع ببينة ، ثم رفع ذلك إلى القاضي ، فإنه ينظر فيه فإن رأى ما باع به رغبة أجازه ، وإن كان الثمن قائما جاز بإجازته .
وإن كان ضاع في يده لم يجزه القاضي ; لأن الإجازة في الانتهاء كالإذن في الابتداء ، وللقاضي أن يأذن للسفيه في التجارة إذا رآه أهلا لذلك ، فكذلك له أن يجيز تصرفه ، وإذا رأى النظر فيه ، فإن كان الثمن قائما بعينه ، والبيع بيع رغبة ، فالنظر في إجازته ، فإذا ضاع الثمن في يده ، فلا نظر له في هذه الإجازة ; لأنه إن أجازه زال ملكه عن العين من غير عوض يسلم له في الحال فإن إجازة البيع إجازة منه بقبض الثمن بمنزلة ما لو
nindex.php?page=treesubj&link=15117_4520_25631باع الفضولي مال إنسان ، وقبض الثمن ، وهلك في يده ، ثم أجاز المالك البيع كان ذلك إجازة منه بقبض الثمن حتى لا يرجع على واحد منهما بشيء ، فهذا كذلك ، فإذا لم يسلم له بعد الإجازة شيء لم يكن في الإجازة نظر له فلا يشتغل القاضي به ، ولا يكون
[ ص: 176 ] للمشتري على الثمن الذي ضاع في يد المفسد سبيل ; لأن قبضه كان بتسليم منه ، وتسليطه إياه على ذلك ، فلا يدخل به المقبوض في ضمانه ، وهو في هذا كالذي لم يبلغ وكذلك إن كان قبض الثمن - يدفع المشتري إليه ، فاستهلكه بين يدى الشهود ، ثم رفع إلى القاضي فإنه ينقض بيعه ، ولا يلزم المحجور من الثمن شيء ، وهذا على قول محمد رحمه الله ، فأما عند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله ، فيكون هو ضامنا لما استهلك من الثمن .
وللقاضي أن يجيز البيع إن رأى النظر فيه ، وأصله في الصبي المحجور عليه إذا استهلك الوديعة ، أو استهلك شيئا اشتراه ، وإن كان المحجور حين قبض الثمن أنفقه على نفسه نفقة مثله في تلك المدة أو حج به حجة الإسلام ، أو أدى منه زكاة ماله ، أو صنع فيه شيئا مما كان على القاضي أن يصنعه عند طلبه ، ثم دفع إليه نظر فيه ، فإن كان البيع فيه رغبة ، فإن كانت قيمته مثل الثمن الذي أخذه أجاز البيع ، وأبرأ المشتري من الثمن ; لأن هذا التصرف لم يتمكن فيه من معنى الفساد شيء فإنه لو طلبه من القاضي وجب عليه أن يجيبه إلى ذلك ، فإن باشر بنفسه كان على القاضي أن ينفذه ; لأن الحجر لمعنى الفساد ، ففيما لا فساد فيه ، هو كغيره ، والنظر له في تنفيذ هذا التصرف ; لأنه لا يمكنه أن يرفع الأمر إلى القاضي في كل حاجة ، وفي كل وقت لما فيه من الجرح البين عليه ، وإن كان في تصرفه محاباة ، فأبطل القاضي ذلك لم يبطل الثمن عن المحجور عليه ، ولكن القاضي يقضيه من ماله ; لأنه لا فساد فيما صرف المال إليه من حوائجه ، وفيما لا فساد فيه هو كالرشيد ، فيصير المقبوض دينا عليه يصرفه له في حاجته ، وعلى القاضي أن يقضيه من ماله إلا أن يرى أن
nindex.php?page=treesubj&link=5530_14950المحجور عليه لو استقرض من رجل مالا ، فقضى به مهر مثل المرأة قضى القاضي القرض من ماله .
فإن كان استقرضه لذلك ، ثم استهلكه في بعض حاجته لم يكن للمقرض عليه شيء له حال فساده ، ولا بعد ذلك ; لأنه صرف المال إلى وجه التبذير ، والفساد وهو كان محجورا عن ذلك فيكون فيه بمنزلة الذي لم يبلغ ، فأما ما صرفه إلى مهر مثل امرأته فإنما صرفه إلى ما فيه نظر له ، وهو إسقاط الصداق عن ذمته ، وربما كان محبوسا فيه ، أو كانت المرأة تمنع نفسها منه لذلك ، فيصير ذلك دينا عليه يوضحه أن المقرض ممنوع من دفع مال نفسه إليه ليصرفه إلى تبذيره ; لأن فيه إعانة له على الفساد ، فيكون مضيعا ماله بذلك ، وهو مندوب إلى أن يقرضه ليصرفه إلى مهر مثل امرأته ، فلا يكون به مضيعا ماله ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=14950_5530استقرض مالا ، فأنفقه على نفسه نفقة مثله ، ولم يكن القاضي أنفق عليه في تلك المدة أجاز ذلك له ، وقضاه من ماله ; لأنه لا فساد فيما صنعه وإن كان أنفقه بإسراف حسب القاضي للمقرض من ذلك
[ ص: 177 ] مثل نفقة المحجور عليه في تلك المدة ، وقضاه من ماله ، وأبطل الزيادة على ذلك ; لأن في مقدور نفقة مثله لا فساد ، وفيما زاد على ذلك معنى الفساد والإسراف ، وإنما جعل هو كالذي لم يبلغ فيما فيه الفساد .
وَلَوْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24984_15117غُلَامًا أَدْرَكَ مُفْسِدًا ، فَلَمْ يَرْفَعْ أَمْرَهُ إلَى الْقَاضِي حَتَّى بَاعَ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِ ، وَأَقَرَّ بِدُيُونٍ ، وَوَهَبَ هِبَاتٍ ، وَتَصَدَّقَ بِصَدَقَاتٍ ، ثُمَّ رُفِعَ أَمْرُهُ إلَى الْقَاضِي ، فَإِنَّهُ يُبْطِلُ جَمِيعَ ذَلِكَ ، وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي ، وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَأَمَّا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ مِنْهُ مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَاسْتَدَلَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ بِمَنْعِ الْمَالِ مِنْهُ ، فَإِنَّ الْوَصِيَّ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي لَمَا مُنِعَ الْمَالُ مِنْهُ ، وَمَنْ يَقُولُ : لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالُهُ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي لَمَا مُنِعَ ، وَيَكُونُ تَصَرُّفُهُ جَائِزًا ، فَقَدْ دَخَلَ فِيمَا قَالَ الَّذِينَ لَمْ يَرَوْا الْحَجْرَ شَيْئًا ، فَإِنَّا مَا احْتَجَجْنَا عَلَيْهِمْ إلَّا بِهَذَا وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ هَذَا الْقَائِلِ وَبَيْنَهُمْ افْتِرَاقٌ فِي رَدِّ الْآيَةِ يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6، فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } ، فَإِنَّمَا عَرَضَ فِي هَذَا الْكَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990لِأَبِي حَنِيفَةَ ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ : إنَّهُ فِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ جَاوَزَ حَدَّ نَفْسِهِ ، وَلَمْ يُرَاعِ حَقَّ الِاسْتِنَادِ ، وَلِأَجْلِ هَذَا لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ حَتَّى لَمْ يُكْثِرْ لَهُ تَفْرِيعُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ ، وَلَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَلَوْ كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْأَحْيَاءِ لَدَمَّرَ عَلَيْهِ ، وَكُلَّ مَجْرَى فِي الْحَلَائِسِ ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُفْسِدُ قَبَضَ ثَمَنَ مَا بَاعَ بِبَيِّنَةٍ ، ثُمَّ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي ، فَإِنَّهُ يَنْظُرُ فِيهِ فَإِنْ رَأَى مَا بَاعَ بِهِ رَغْبَةً أَجَازَهُ ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا جَازَ بِإِجَازَتِهِ .
وَإِنْ كَانَ ضَاعَ فِي يَدِهِ لَمْ يُجِزْهُ الْقَاضِي ; لِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي الِانْتِهَاءِ كَالْإِذْنِ فِي الِابْتِدَاءِ ، وَلِلْقَاضِي أَنْ يَأْذَنَ لِلسَّفِيهِ فِي التِّجَارَةِ إذَا رَآهُ أَهْلًا لِذَلِكَ ، فَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يُجِيزَ تَصَرُّفُهُ ، وَإِذَا رَأَى النَّظَرَ فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ ، وَالْبَيْعُ بَيْعُ رَغْبَةٍ ، فَالنَّظَرُ فِي إجَازَتِهِ ، فَإِذَا ضَاعَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ ، فَلَا نَظَرَ لَهُ فِي هَذِهِ الْإِجَازَةِ ; لِأَنَّهُ إنْ أَجَازَهُ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ الْعَيْنِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ يُسَلَّمُ لَهُ فِي الْحَالِ فَإِنَّ إجَازَةَ الْبَيْعِ إجَازَةٌ مِنْهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=15117_4520_25631بَاعَ الْفُضُولِيُّ مَالَ إنْسَانٍ ، وَقَبَضَ الثَّمَنَ ، وَهَلَكَ فِي يَدِهِ ، ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ كَانَ ذَلِكَ إجَازَةً مِنْهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ حَتَّى لَا يَرْجِعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ ، فَهَذَا كَذَلِكَ ، فَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ فِي الْإِجَازَةِ نَظَرٌ لَهُ فَلَا يَشْتَغِلُ الْقَاضِي بِهِ ، وَلَا يَكُونُ
[ ص: 176 ] لِلْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي ضَاعَ فِي يَدِ الْمُفْسِدِ سَبِيلٌ ; لِأَنَّ قَبْضَهُ كَانَ بِتَسْلِيمٍ مِنْهُ ، وَتَسْلِيطُهُ إيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ ، فَلَا يَدْخُلُ بِهِ الْمَقْبُوضُ فِي ضَمَانِهِ ، وَهُوَ فِي هَذَا كَاَلَّذِي لَمْ يَبْلُغْ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ قَبَضَ الثَّمَنَ - يَدْفَعُ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ ، فَاسْتَهْلَكَهُ بَيْنَ يَدَى الشُّهُودِ ، ثُمَّ رَفَعَ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَنْقُضُ بَيْعَهُ ، وَلَا يَلْزَمُ الْمَحْجُورَ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَأَمَّا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَيَكُونُ هُوَ ضَامِنًا لِمَا اُسْتُهْلِكَ مِنْ الثَّمَنِ .
وَلِلْقَاضِي أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ إنْ رَأَى النَّظَرَ فِيهِ ، وَأَصْلُهُ فِي الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إذَا اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ ، أَوْ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا اشْتَرَاهُ ، وَإِنْ كَانَ الْمَحْجُورُ حِينَ قَبَضَ الثَّمَنَ أَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ نَفَقَةَ مِثْلِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ حَجَّ بِهِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ ، أَوْ أَدَّى مِنْهُ زَكَاةَ مَالِهِ ، أَوْ صَنَعَ فِيهِ شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَصْنَعَهُ عِنْدَ طَلَبِهِ ، ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ نَظَرَ فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ فِيهِ رَغْبَةً ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ أَجَازَ الْبَيْعَ ، وَأَبْرَأَ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ ; لِأَنَّ هَذَا التَّصَرُّفَ لَمْ يَتَمَكَّنْ فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْفَسَادِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ لَوْ طَلَبَهُ مِنْ الْقَاضِي وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَهُ إلَى ذَلِكَ ، فَإِنْ بَاشَرَ بِنَفْسِهِ كَانَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُنَفِّذَهُ ; لِأَنَّ الْحَجْرَ لِمَعْنَى الْفَسَادِ ، فَفِيمَا لَا فَسَادَ فِيهِ ، هُوَ كَغَيْرِهِ ، وَالنَّظَرُ لَهُ فِي تَنْفِيذِ هَذَا التَّصَرُّفِ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فِي كُلِّ حَاجَةٍ ، وَفِي كُلِّ وَقْتٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَرْحِ الْبَيِّنِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ فِي تَصَرُّفِهِ مُحَابَاةٌ ، فَأَبْطَلَ الْقَاضِي ذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ الثَّمَنُ عَنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ ، وَلَكِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِيهِ مِنْ مَالِهِ ; لِأَنَّهُ لَا فَسَادَ فِيمَا صُرِفَ الْمَالُ إلَيْهِ مِنْ حَوَائِجِهِ ، وَفِيمَا لَا فَسَادَ فِيهِ هُوَ كَالرَّشِيدِ ، فَيَصِيرُ الْمَقْبُوضِ دَيْنًا عَلَيْهِ يَصْرِفُهُ لَهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَهُ مِنْ مَالِهِ إلَّا أَنْ يَرَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=5530_14950الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا ، فَقَضَى بِهِ مَهْرَ مِثْلِ الْمَرْأَةِ قَضَى الْقَاضِي الْقَرْضَ مِنْ مَالِهِ .
فَإِنْ كَانَ اسْتَقْرَضَهُ لِذَلِكَ ، ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْرِضِ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَهُ حَالَ فَسَادِهِ ، وَلَا بَعْدَ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ صَرَفَ الْمَالَ إلَى وَجْهِ التَّبْذِيرِ ، وَالْفَسَادِ وَهُوَ كَانَ مَحْجُورًا عَنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ ، فَأَمَّا مَا صَرَفَهُ إلَى مَهْرِ مِثْلِ امْرَأَتِهِ فَإِنَّمَا صَرَفَهُ إلَى مَا فِيهِ نَظَرٌ لَهُ ، وَهُوَ إسْقَاطُ الصَّدَاقِ عَنْ ذِمَّتِهِ ، وَرُبَّمَا كَانَ مَحْبُوسًا فِيهِ ، أَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَمْنَعُ نَفْسَهَا مِنْهُ لِذَلِكَ ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْمُقْرِضَ مَمْنُوعٌ مِنْ دَفْعِ مَالِ نَفْسِهِ إلَيْهِ لِيَصْرِفَهُ إلَى تَبْذِيرِهِ ; لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً لَهُ عَلَى الْفَسَادِ ، فَيَكُونُ مُضَيِّعًا مَالَهُ بِذَلِكَ ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ إلَى أَنْ يُقْرِضَهُ لِيَصْرِفَهُ إلَى مَهْرِ مِثْلِ امْرَأَتِهِ ، فَلَا يَكُونُ بِهِ مُضَيِّعًا مَالَهُ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=14950_5530اسْتَقْرَضَ مَالًا ، فَأَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ نَفَقَةَ مِثْلِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ الْقَاضِي أَنْفَقَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَجَازَ ذَلِكَ لَهُ ، وَقَضَاهُ مِنْ مَالِهِ ; لِأَنَّهُ لَا فَسَادَ فِيمَا صَنَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَنْفَقَهُ بِإِسْرَافٍ حَسَبِ الْقَاضِي لِلْمُقْرِضِ مِنْ ذَلِكَ
[ ص: 177 ] مِثْلَ نَفَقَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ ، وَقَضَاهُ مِنْ مَالِهِ ، وَأَبْطَلَ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّ فِي مَقْدُورِ نَفَقَةِ مِثْلِهِ لَا فَسَادَ ، وَفِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مَعْنَى الْفَسَادِ وَالْإِسْرَافِ ، وَإِنَّمَا جُعِلَ هُوَ كَاَلَّذِي لَمْ يَبْلُغْ فِيمَا فِيهِ الْفَسَادُ .