قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=74والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم فيه سبع مسائل :
الأولى : قوله تعالى إن الذين آمنوا ختم السورة بذكر الموالاة ليعلم كل فريق وليه الذي يستعين به . وقد تقدم معنى الهجرة والجهاد لغة ومعنى .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72والذين آووا ونصروا معطوف عليه . وهم
الأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم ، وانضوى إليهم النبي صلى الله عليه وسلم
والمهاجرون .
أولئك رفع بالابتداء بعضهم ابتداء ثان
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72أولياء بعض خبره ، والجميع خبر إن . قال
ابن عباس :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72أولياء بعض في الميراث ، فكانوا يتوارثون بالهجرة ، وكان لا يرث من آمن ولم يهاجر من هاجر فنسخ الله ذلك بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75وأولو الأرحام [ ص: 412 ] الآية . أخرجه
أبو داود . وصار الميراث لذوي الأرحام من المؤمنين . ولا يتوارث أهل ملتين شيئا . ثم جاء قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836291ألحقوا الفرائض بأهلها على ما تقدم بيانه في آية المواريث . وقيل : ليس هنا نسخ ، وإنما معناه في النصرة والمعونة ، كما تقدم في " النساء " .
والذين آمنوا ابتداء والخبر
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72ما لكم من ولايتهم من شيء
وقرأ
يحيى بن وثاب nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وحمزة ( من ولايتهم ) بكسر الواو . وقيل هي لغة . وقيل : هي من وليت الشيء ، يقال : ولي بين الولاية . ووال بين الولاية . والفتح في هذا أبين وأحسن ، لأنه بمعنى النصرة والنسب . وقد تطلق الولاية والولاية بمعنى الإمارة .
الثانية : قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72وإن استنصروكم في الدين يريد إن دعوا هؤلاء المؤمنون الذين لم يهاجروا من أرض الحرب عونكم بنفير أو مال لاستنقاذهم فأعينوهم ، فذلك فرض عليكم فلا تخذلوهم . إلا أن يستنصروكم على قوم كفار بينكم وبينهم ميثاق فلا تنصروهم عليهم ، ولا تنقضوا العهد حتى تتم مدته .
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : إلا أن يكونوا أسراء مستضعفين فإن الولاية معهم قائمة والنصرة لهم واجبة ، حتى لا تبقى منا عين تطرف حتى نخرج إلى استنقاذهم إن كان عددنا يحتمل ذلك ، أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم حتى لا يبقى لأحد درهم . كذلك قال
مالك وجميع العلماء ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، على ما حل بالخلق في تركهم إخوانهم في أسر العدو وبأيديهم خزائن الأموال ، وفضول الأحوال والقدرة والعدد والقوة والجلد .
الزجاج : ويجوز " فعليكم النصر " بالنصب على الإغراء .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=28979قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73والذين كفروا بعضهم أولياء بعض قطع الله الولاية بين الكفار والمؤمنين ، فجعل المؤمنين بعضهم أولياء بعض ، والكفار بعضهم أولياء بعض ، يتناصرون بدينهم ويتعاملون باعتقادهم . قال علماؤنا في الكافرة يكون لها الأخ المسلم : لا يزوجها ، إذ لا ولاية بينهما ، ويزوجها أهل ملتها . فكما لا يزوج المسلمة إلا مسلم فكذلك الكافرة لا يزوجها إلا كافر قريب لها ، أو أسقف ، ولو من مسلم ، إلا أن تكون معتقة ، فإن عقد على غير
[ ص: 413 ] المعتقة فسخ إن كان لمسلم ، ولا يعرض للنصراني . وقال
أصبغ : لا يفسخ ، عقد المسلم أولى وأفضل .
الرابعة : قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73إلا تفعلوه الضمير عائد على الموارثة والتزامها . المعنى : إلا تتركوهم يتوارثون كما كانوا يتوارثون ، قاله
ابن زيد . وقيل : هي عائدة على التناصر والمؤازرة والمعاونة واتصال الأيدي .
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وغيره : وهذا إن لم يفعل تقع الفتنة عنه عن قريب ، فهو آكد من الأول . وذكر
الترمذي عن
عبد الله بن مسلم بن هرمز عن
محمد وسعد ابني
عبيد عن
أبي حاتم المزني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836292إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير . قالوا : يا رسول الله ، وإن كان فيه ؟ قال : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات . قال : حديث غريب . وقيل : يعود على حفظ العهد والميثاق الذي تضمنه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق . وهذا وإن لم يفعل فهو الفتنة نفسها . وقيل : يعود على النصر للمسلمين في الدين . وهو معنى القول الثاني . قال
ابن إسحاق : جعل الله
المهاجرين والأنصار أهل ولايته في الدين دون من سواهم ، وجعل الكافرين بعضهم أولياء بعض . ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73إلا تفعلوه وهو أن يتولى المؤمن الكافر دون المؤمنين .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73تكن فتنة أي محنة بالحرب ، وما انجر معها من الغارات والجلاء والأسر . والفساد الكبير : ظهور الشرك . قال
الكسائي : ويجوز النصب في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73تكن فتنة على معنى تكن فعلتكم فتنة وفسادا كبيرا .
حقا مصدر ، أي حققوا إيمانهم بالهجرة والنصرة . وحقق الله إيمانهم بالبشارة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=74لهم مغفرة ورزق كريم أي ثواب عظيم في الجنة .
الخامسة :
nindex.php?page=treesubj&link=28979قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75والذين آمنوا من بعد وهاجروا يريد من بعد
الحديبية وبيعة الرضوان . وذلك أن الهجرة من بعد ذلك كانت أقل رتبة من الهجرة الأولى . والهجرة الثانية هي التي وقع فيها الصلح ، ووضعت الحرب أوزارها نحو عامين ثم كان فتح
مكة . ولهذا قال عليه السلام : لا هجرة بعد الفتح . فبين أن من آمن وهاجر من بعد يلتحق بهم . ومعنى منكم أي مثلكم في النصر والموالاة .
[ ص: 414 ] السادسة : قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75وأولو الأرحام ابتداء . والواحد ذو ، والرحم مؤنثة ، والجمع أرحام . والمراد بها هاهنا العصبات دون المولود بالرحم . ومما يبين أن المراد بالرحم العصبات قول العرب : وصلتك رحم . لا يريدون قرابة الأم . قالت
قتيلة بنت الحارث - أخت
النضر بن الحارث - كذا قال
ابن هشام . قال
السهيلي : الصحيح أنها
بنت النضر لا أخته ، كذا وقع في كتاب الدلائل - ترثي أباها حين قتله النبي صلى الله عليه وسلم صبرا بالصفراء :
يا راكبا إن الأثيل مظنة من صبح خامسة وأنت موفق أبلغ بها ميتا بأن تحية ما إن تزال بها النجائب تخفق مني إليك وعبرة مسفوحة جادت بواكفها وأخرى تخنق هل يسمعني النضر إن ناديته أم كيف يسمع ميت لا ينطق أمحمد يا خير ضنء كريمة في قومها والفحل فحل معرق ما كان ضرك لو مننت وربما من الفتى وهو المغيظ المحنق لو كنت قابل فدية لفديته بأعز ما يفدى به ما ينفق فالنضر أقرب من أسرت قرابة وأحقهم إن كان عتق يعتق ظلت سيوف بني أبيه تنوشه لله أرحام هناك تشقق صبرا يقاد إلى المنية متعبا رسف المقيد وهو عان موثق السابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=13855واختلف السلف ومن بعدهم في توريث ذوي الأرحام - وهو من لا سهم له في الكتاب - من قرابة الميت وليس بعصبة ، كأولاد البنات ، وأولاد الأخوات وبنات الأخ ، والعمة والخالة ، والعم أخ الأب للأم ، والجد أبي الأم ، والجدة أم الأم ، ومن أدلى بهم . فقال قوم : لا يرث من لا فرض له من ذوي الأرحام . وروي عن
أبي بكر الصديق nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، ورواية عن
علي ، وهو قول
أهل المدينة ، وروي عن
مكحول nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه . وقال بتوريثهم :
عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ومعاذ nindex.php?page=showalam&ids=4وأبو الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة وعلي في رواية عنه ، وهو قول
الكوفيين وأحمد وإسحاق . واحتجوا بالآية ، وقالوا : وقد اجتمع في ذوي الأرحام سببان : القرابة والإسلام ، فهم أولى ممن له سبب واحد وهو الإسلام . أجاب الأولون فقالوا : هذه آية مجملة جامعة ، والظاهر بكل رحم قرب أو بعد ، وآيات المواريث مفسرة والمفسر قاض على المجمل ومبين . قالوا : وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الولاء سببا ثابتا ، أقام
[ ص: 415 ] المولى فيه مقام العصبة فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836293nindex.php?page=treesubj&link=26204الولاء لمن أعتق .
nindex.php?page=hadith&LINKID=836294nindex.php?page=treesubj&link=7627_7626ونهى عن بيع الولاء وعن هبته . احتج الآخرون بما روى
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني عن
المقدام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836295من ترك كلا فإلي - وربما قال فإلى الله وإلى رسوله - ومن ترك مالا فلورثته فأنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرثه والخال وارث من لا وارث له يعقل عنه ويرثه . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن
طاوس قال قالت
عائشة رضي الله عنها : الله مولى من لا مولى له ، والخال وارث من لا وارث له . موقوف . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=836296أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الخال وارث . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836297سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ميراث العمة والخالة فقال : لا أدري حتى يأتيني جبريل . ثم قال : أين السائل عن ميراث العمة والخالة ؟ قال : فأتى الرجل فقال : سارني جبريل أنه لا شيء لهما . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : لم يسنده غير
مسعدة عن
محمد بن عمرو وهو ضعيف ، والصواب مرسل . وروي عن
الشعبي قال قال
زياد بن أبي سفيان لجليسه : هل تدري كيف قضى
عمر في العمة والخالة ؟ قال لا . قال : إني لأعلم خلق الله كيف قضى فيهما
عمر ، جعل الخالة بمنزلة الأم ، والعمة بمنزلة الأب .
بعونه تعالى تم الجزء السابع من الجامع لأحكام القرآن ويليه الجزء الثامن ، وأوله تفسير سورة " براءة " .