الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : وإذا كان العبد بين رجلين فجنى على أحدهما ففقأ عينه أو قطع يده ثم أن الآخر باع نصف نصيبه من شريكه وهو يعلم بالجناية ثم جنى عليه العبد أيضا جناية أخرى ثم إن الذي باع ربعه اشترى ذلك الربع ثم كاتبه المجني عليه على نصيبه منه ثم جنى عليه جناية أخرى ثم أدى فعتق ثم مات المولى من الجنايات فعلى المكاتب الأقل من نصف قيمته ومن ربع الدية ; لأن النصف الذي هو مكاتب منه جنى على مولاه ثلاث جنايات : جنايتين قبل الكتابة وحكمهما سواء في أنه هدر وجناية بعد الكتابة وهي معتبرة ولهذا كان عليه الأقل من نصف قيمته ومن ربع الدية وعلى الذي لم يكاتب سدس وربع سدس دية صاحبه والأقل من نصف قيمة العبد ومن سدس وربع سدس الدية ولا يؤدى هذا النصف حتى يعتق أو يستسعي أو يضمن وقد بطل نصف سدس ; لأنه قد جرى في نصف نصيبه البيع والشراء ولم يجز في النصف الأخير فلا بد من اعتبار [ ص: 69 ] ذلك فنقول : أما نصف نصيبه الذي جرى فيه البيع والشراء فقد أتلف ربع النفس بثلاث جنايات : جناية قبل البيع وقد صار المولى مختارا لذلك البيع وجناية بعد البيع وذلك هدر ; لأن جناية المملوك على المالك وجناية بعد الشراء وهي معتبرة فمن هذا الوجه يبطل ثلث الربع وهو نصف سدس الدية .

وأما النصف الذي لم يجر فيه البيع والشراء جنى على ربع النفس أيضا ثلاث جنايات : إحداهما قبل البيع وقد صار مختارا بذلك ; لأن بيع البعض باختيار الفداء كبيع الكل ويتبين بعد البيع - وحكمهما سواء في حق التعلق بالرقبة فيتوزع هذا نصفان فلهذا قال : على الذي لم يكاتب سدس الدية وربع سدس الدية مقدار ما صار مختارا له ببيع نصف نصيبه ومثل ذلك متعلق بنصيبه وقد تعذر الدفع بكتابة شريكه على وجه لم يصر مختارا فيلزمه الأقل من نصف قيمة العبد ومن سدس وربع سدس الدية ولكن هذا الاستهلاك إنما يتحقق إذا أعتق أو استسعى أو ضمن فلهذا لا يلزمه هذا النصف ما لم يوجد أحد هذه المعاني .

التالي السابق


الخدمات العلمية