الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
رجل قطع يد مكاتبه فقضى عليه بذلك والمكاتبة إلى أجل ، ثم جنى المكاتب جناية على رجل فقضى عليه بها ، ثم عجز فرد في الرق قال لا تبطل جناية المولى على المكاتب ويباع المكاتب في جناية الأجنبي ، فإن لم يف ثمنه أو قطع بها رجع فيما على المولى ; لأن نصف القيمة كان دينا له على المولى بمنزلة كسبه وكسبه بعد العجز لا يسلم للمولى ما بقي عليه [ ص: 102 ] دين والقيمة لولي جنايته دين عليه فيباع فيه ، فإذا لم يف ثمنه بالقيمة رجع بما بقي على المولى ، وهو بمنزلة مكاتب استهلك له مولاه ألف درهم وعليه دين أو ليس عليه دين ، ثم استدان بعد ذلك دينا ومكاتبته إلى أجل ، ثم عجز أو مات اتبع المولى بذلك فكان بين سائر غرمائه بالحصص ; لأن كسبه لا يسلم لمولاه ما لم يفرغ من دينه ، فإن كان المكاتب جنى على أجنبي وقضي عليه بذلك ، ثم جنى عليه المولى جناية فقضي عليه بها ، ثم عجز بيع العبد في دين الأجنبي ، فإن وفى وإلا نظر إلى ما نقص من قيمة العبد يوم جنى المكاتب فيضمن المولى للأجنبي الأقل منه ومن أرش جنايته ; لأن المولى بجنايته أتلف جزءا قد تعلق به حق ولي الجناية وبقضاء القاضي صارت القيمة دينا في ذمته لولي الجناية فيقضي من ثمنه وكسبه وما وجب على المولى بمنزلة كسبه ، فإذا لم يف ثمنه بدينه ضمن المولى ذلك لولي الجناية .

( ألا ترى ) أن عبدا لو جنى جناية ، ثم جنى عليه المولى ، وهو لا يعلم بجنايته ، ثم اختار دفعه ضمن ما جنى عليه .

واستوضح هذا كله بمكاتب عليه دين ألف درهم واستهلك له مولاه ألف درهم ، ثم استدان بعد ذلك القائم مات ولم يترك مالا غير الدين الذي على مولاه اتبع الغرماء جميعا الأولون والآخرون المولى بتلك الألف حتى يأخذونها فيقسمونها ، ولو كان الدين يبطل فيما سبق عن المولى لم يكن على المولى في هذه الفصول شيئا إلا للغرماء الأولين فهذا يوضح لك جميع ما سبق .

التالي السابق


الخدمات العلمية