وعن إبراهيم والشعبي قالا في فردوا إلى الثلث بينهم على خمسة أسهم لصاحب النصف ثلاثة ولصاحب [ ص: 148 ] الثلث اثنان ، وهذا قول رجل أوصى لرجلين بالنصف والثلث أبي يوسف ومحمد رحمهم الله ، فأما عند وابن أبي ليلى رحمه الله فالثلث بينهما نصفان . والأصل عند أبي حنيفة أن الوصية بما زاد على الثلث عند عدم إجازة الورثة تبطل في حق الضرب بها في ثلث ، وبيانه إذا أبي حنيفة فعند أوصى لرجل بجميع ماله ولآخر بثلث ماله فلم تجز الورثة أو أوصى لرجل بجميع ماله ولآخر بنصف ماله فلم تجز الورثة الثلث بينهما نصفان في الفصلين جميعا ، وعندهما في الفصل الأول يكون الثلث بينهما أرباعا على أن يضرب الموصى له بالجميع بالثلث في سهام جميع المال الثلاثة والموصى له بالثلث بسهم واحد ، وفي الفصل الثاني يكون الثلث بينهما أثلاثا على أن يضرب الموصى له بالجميع بسهمين والموصى له بالنصف بسهم فهما يقولان : ما يوجبه الموصي بعد موته معتبر بما أوجبه الله - تعالى - من السهام للورثة بعد الموت والله - تعالى - أوجب للزوج النصف وللأخت النصف وللأم الثلث فكان موجب استحقاق كل واحد منهم بما أوجب له عند الانفراد والضرب بجميع ما سمي له بالوصية في محل الميراث عند المزاحمة فكذلك فيما أوجب الموصي . أبي حنيفة
المقصود استحقاق كل واحد منهما لما أوجبه له عند الانفراد وإجازة الورثة يوضحه أن الموصي قصد سلامة ما سمي لكل واحد منهما بكماله وتفضيل أحدهما على الآخر ففي أحد الحكمين تعذر تحصيل مقصوده عند عدم إجازة الورثة ، وفي حكم الآخر ما تعذر تحصيل مقصوده فيجب تحصيله كما لو قال أوصيت بهذه الألف لفلان منها بستمائة ولفلان منها بسبعمائة تعتبر تسميته لكل واحد منهما ، وفي القدر الذي سمي التفضيل بينهما ، وإن تعذر اعتباره في استحقاق جميع المسمى لكل واحد منهما لضيق المحل ، ثم وصيته بالنصف والثلث ينصرف كل واحد منهما إلى جزء شائع في جميع ماله ، وفيما ذهب إليه تنفذ وصية أحدهما بجميع الثلث الذي له أن يوصي به وجعل الزيادة فيما أوصى لأحدهما بثلث ماله للآخر خاصة حتى يبطل بعدم إجازة الورثة وذلك خلاف ما أوجبه الموصي . أبو حنيفة
( ألا ترى ) أنه لو أن لكل واحد منهما أن يضرب بجميع ما أوصى به له في الثلث ، وكذلك لو أوصى لأحدهما بألف درهم وللآخر بألفين وثلث ماله ألف ضرب كل واحد منهما في الثلث بجميع ما سمي له ، وكذلك لو أوصى لأحدهما بثلث ماله ولآخر بسدس ماله ولأحدهما بالثلث وللآخر بالربع أو أعتق في مرضه عبدا قيمته ألف وعبدا قيمته ألفان وثلث ماله ألف ضرب كل واحد منهما في الثلث بجميع ما حباه ، وإن كان أكثر من ثلث [ ص: 149 ] ماله فكذلك فيما سبق . باع من إنسان عبدا وحاباه بألف وباع من أحد شيئا وحاباه بألفين
- رحمه الله - طريقان : أحدهما أن الوصية بما زاد على الثلث عند عدم إجازة الورثة مفسوخة بتغيير الوصية المفسوخة كالمرجوع فلا يستحق الضرب بها كالوصية بمال الجار ، وإنما قلنا ذلك ; لأنها كانت موقوفة على إجازة الورثة فتنفسخ بردهم كالبيع الموقوف على إجازة المالك ينفسخ برده وتأثيره أن حق الضرب فيه بناء على صحة الإيجاب ، وقد بطل ذلك بالانفساخ فلا معنى للضرب به في مزاحمة وصية الإيجاب فيها صحيح ، ولهذا فارق المواريث ، فإن ما أوجبه الله - تعالى - لكل وارث صحيح قطعا ويقينا فعرفنا أن المراد المضاربة بها عند ضيق المحل لعلمنا أن المال الواحد لا يكون له نصفان وثلث وبه فارق الوصية بالثلث والسدس ; لأن كل واحد منهما إيجاب صحيح لا ينفسخ برد الوارث ، فإن كل واحد منهما إيجاب بتسمية يوجد ذلك فيما هو محل الوصية ، وهو الثلث ، فأما هذا فإيجاب بتسمية لا توجد تلك التسمية إلا فيما هو حق الورثة فيبطل بردهم الإيجاب فيما يتناول حقهم ، وكذلك الوصية بالألف والألفين ، فإنها ما وقعت في حق الورثة بهذه التسمية ; لأن حق الورثة في أعيان التركة دون الألف المرسلة . ولأبي حنيفة
( ألا ترى ) أنه يتصور تنفيذ جميع هذه الوصية على ما سمى الموصي من غير إجازة الورثة بأن يكثر مال المورث فكذلك في مسألة العتق ، فإن ذلك وصية بالبراءة عن السعاية والسعاية بمنزلة الألوف المرسلة .
( ألا ترى ) أنه يتصور تنفيذ الوصية لكل واحد منهما بدون إجازة الورثة بأن يكثر مال الميت .