الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو ترك خمسة بنين وأوصى لأحدهم بكمال الثلث مع نفسه وأوصى لأجنبي بثلث ما بقي من الثلث فإن الأجنبي يأخذ سبع جميع المال ; لأنه لا مزاحمة للوصية للوارث مع الوصية للأجنبي ، فيأخذ الأجنبي كمال حقه كأنه لم يوص لأحد غيره ، وثلث ما بقي من الثلث هو الثلث إذا لم يكن هناك وصية أخرى .

( ألا ترى ) أنه لو أوصي له بما بقي له من الثلث ولم يوص لغيره بشيء استحق جميع الثلث ، فكذلك هاههنا يستحق ثلث المال ، ثم إن أجازوا فلوارث الموصى له يأخذ مما بقي كمال حقه الثلث مع نصيبه بين جميع المال ، وذلك ثلاثة أسهم من تسعة ، فإذا أخذ هو ثلاثة وللأجنبي سهم يبقى خمسة فتقسم بين البنين بالسوية أرباعا ، انكسر بالأرباع فاضرب تسعة في أربعة فتكون ستة وثلاثين : للأجنبي أربعة ، وللوارث اثنا عشر يبقى عشرون بين البنين الأربعة لكل واحد منهم خمسة ، فتبين أن الميراث للابن الموصى له خمسة ، والوصية له سبعة ، وقد استحق ذلك بإجازة الورثة .

ولو أوصى لأحدهم بمثل نصيب أحدهم ولأجنبي بثلث ما بقي من الثلث ، فإن الأجنبي يأخذ ثلث المال ، وهو سهم من تسعة كما بينا ، ويقسم ما بقي بين الورثة وبين الموصى له بمثل نصيب أحدهم على ستة ; لأن مثل الشيء غيره ، فلا بد من أن يزيد على عدد الورثة ، وذلك خمسة بينهما لتبيين مثل نصيب أحدهم ، فيجعل للموصى له بمثل النصيب سهمان : سهم بميراثه وسهم بوصيته ، والباقي ، وهو أربعة بين البنين أرباعا ، وإذا أردت تصحيح الحساب احتجت إلى ضرب تسعة في ستة فيكون أربعة وخمسين : للأجنبي ستة وللابن الموصى له ستة عشر : ثمانية بالميراث وثمانية بالوصية ، والباقي ، وهو اثنان وثلاثون بين أربعة بنين لكل واحد منهم ثمانية .

ولو أوصى لأحد ورثته بثلث ماله ولأجنبي بما بقي من ثلثه فأجازت الورثة أو لم يجيزوا أخذ الأجنبي ثلث جميع المال ; لأن الوصية للوارث غير معتبرة في مزاحمة الأجنبي فكأنه أوصى للأجنبي بما بقي من ثلثه ، وهو بهذا اللفظ يستحق جميع الثلث كما يستحق العصبة جميع المال إذا لم يكن هناك صاحب فرض ، ثم الباقي بينهم على الميراث إن لم يجيزوا ، فإن أجازوا أخذ الوارث الموصى له ثلث جميع المال من الباقي باعتبار إجازتهم ، والباقي بينهم على الميراث

التالي السابق


الخدمات العلمية