( مسألة ) إذا فذكر قامت المرأة بالطلاق لعدم النفقة في غيبة الزوج فتطوع بها متطوع المشذالي في حاشية المدونة في كتاب الإجارة في ذلك قولين ونصه في شرح قول المدونة ، ولو تطوع رجل بأدائها لم يفسخ .
( قلت ) ويؤخذ من هنا ما نص عليه في مسألة اختلف فيها مع أبو بكر بن عبد الرحمن ابن الكاتب رأينا هنا في حاشية نسخة من نوازل ابن رشد ونصها : سئل عن رجل غاب عن زوجته فقامت المرأة وادعت أنه لم يترك لها زوجها شيئا ورفعت أمرها إلى السلطان وأرادت الفراق إذا لم يترك لها زوجها نفقة ثم إن رجلا من أقارب الزوج أو أجنبيا عنه [ ص: 200 ] ، فقال قال لها : أنا أؤدي عنه النفقة ، ولا سبيل لك إلى فراقه ابن الكاتب : لها أن تفارق ; لأن الفراق قد وجب لها .
وقال ابن عبد الرحمن لا مقال لها ; لأن عدم النفقة الذي أوجب لها القيام قد انتفى .
( قلت ) وقد أشار ابن المناصف إلى هذا فقال ما حاصله : قيام الزوجة في غيبة زوجها على وجهين : أحدهما لترجع بما تنفق عليه وفائدته قبول قولها من حين الدفع . الوجه الثاني لتطلق نفسها لعدم الإنفاق ، فإذا أثبتت الزوجية والمغيب ولم يترك لها شيئا ولم يخلف ما يعدى فيه ولم يتطوع بالنفقة عنه ودعت إلى الطلاق إلى آخره ، فظاهره أن التطوع بإجراء النفقة يسقط مقالها كقول ابن عبد الرحمن ، وهو الذي تقتضيه المدونة في النكاح الثاني في قوله : إلا أن يتطوع الزوج بالنفقة ، انتهى بلفظه .
( فرع ) قال في أحكام ابن سهل في أول القضاء في مسائل الغائب ما نصه : فأفتى مملوكة غاب سيدها وأثبتت عدمه في ملكه لها وأنه لم يخلف عندها شيئا ، ولا بعثه إليها ، ولا مال لها تنفقه ، ولا له مال تعدى فيه في علم من شهد بذلك ابن عتاب وابن القطان بأمر القاضي ببيعها ويقبض ثمنها للغائب ويوقفه عند ثقة ، انتهى . ونقله ابن فرحون في تبصرته في الفصل الخامس في التنبيه على أمور تتوقف سماع الدعوى بها على إثبات فصول ، انتهى .
( تنبيه ) قوله : ولا لها مال تنفقه يدل على أنه إذا كان لها خراج عليها الأكل منه ; فإنها لا تباع وتأكل من خراجها ، وقال في معين الحكام في كتاب الأقضية إثر كلام ابن سهل المتقدم ما نصه : تنبيه ينبغي للحاكم أن يكلفها أنها عاجزة عن استعمالها فيما يستعمل فيه مثلها لتنفق منه على نفسها ، وقال ابن عتاب مثله في أم الولد التي غاب عنها سيدها ، والمملوكة أحرى ، انتهى ، وقال في التوضيح .