الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( كشفعة واستحقاق وتفليس وفساد ) ش .

                                                                                                                            قال الشارح في الكبير : التشبيه راجع إلى قوله : ولم ترد لا إلى قوله : بخلاف ولد ، ولو قدم هذه المسائل على قوله : بخلاف ولد لكان أحسن انتهى .

                                                                                                                            ونحوه في الوسط ، وكلام ابن غازي - رحمه الله - يقتضي أن التشبيه راجع إلى قوله : بخلاف ولده ، وليس ذلك بظاهر والظاهر ما قاله الشارح فإن الحكم المذكور لا يجري في الأبواب المذكورة فإن الولد لا يتصور فيه الشفعة ، وأما في الاستحقاق والتفليس فحكمه حكم الرد بالعيب يأخذه المستحق للأمهات معها ، وكذلك في التفليس فإن للبائع أن يأخذ الولد مع الأمهات كما صرح به في كتاب التفليس من المدونة ، وأما في البيع الفاسد فإن الولد مفوت ، ويوجب الرجوع بالقيمة قال في المدونة في كتاب التدليس بالعيوب : وأما الولد فيفيت البيع الفاسد ويوجب القيمة ، وأما الثمرة فحكمها في البيع الفاسد كحكم الرد بالعيب كما صرح به في المقدمات ، وأما في الشفعة والاستحقاق والتفليس فيختلف ذلك .

                                                                                                                            قال في كتاب الشفعة من المدونة .

                                                                                                                            قال مالك : وإذا ابتاع النخل ، والثمرة مأبورة ، أو مزهية فاشترطها ، ثم استحق رجل نصفها واستشفع فله نصف النخل ، ونصف الثمرة باستحقاقه ، وعليه للمبتاع في ذلك قيمة ما سقى وعالج ، ويرجع المبتاع بنصف الثمن على البائع ، فإن شاء المستحق أخذ الشفعة في النصف الباقي فذلك له ، ويكون له أخذ الثمرة بالشفعة مع الأصل ما لم تجذ ، أو تيبس ، ويغرم قيمة العلاج أيضا ، وإن قام بعد اليبس ، أو الجذاذ فلا شفعة له في الثمرة كما لو بيعت حينئذ ، ويأخذ الأصل بالشفعة بحصته من الثمن بقيمة من قيمة الثمرة يوم الصفقة ; لأن الثمرة وقع لها حصة من الثمن ، وأما من ابتاع نحلا لا ثمر فيها ، أو فيها ثمر قد أبر ، أو لم يؤبر ، ثم فلس ، وفي النخل ثمرة حل بيعها فالبائع أحق بالأصل والثمرة ما لم تجذ إلا أن يعطيه الغرماء الثمن بخلاف الشفيع ا هـ . وقال في كتاب التفليس : وأما من ابتاع أمة ، أو غنما ، ثم فلس فوجد البائع الأمة قد ولدت ، والغنم قد تناسلت فله أخذ الأمهات والأولاد كالرد بالعيب ، وأما ما كان من غلة ، أو صوف جزه ، أو لبن حلبه فذلك للمبتاع ، وكذلك النخل تجنى ثمرتها فهو كالغلة إلا أن يكون على الغنم صوف قد تم يوم الشراء ، أو في النخل ثمر قد أبر واشترط ذلك الثمن فليس كالغلة ا هـ . وقال في المقدمات : إذا كان في النخل يوم الابتياع ثمرة مأبورة فطرأ على المشتري مستحق ، أو شفيع ، أو فلس وأراد البائع أخذ نخله ، فإن طرأ قبل طيب الثمرة فإنهم أحق على حالها بعد أن يؤدوا السقي والعلاج ، وإن طرأ بعد طيب الثمرة قبل يبسها ، أو بعد يبسها ، ولم تجذ ، أو بعد جذها ، وهي قائمة ، أو فائتة ففي ذلك في الشفعة والاستحقاق ثلاثة أقوال : أحدها : أن الشفيع والمستحق يأخذ الثمرة مع الأصل ، وإن جذت ويرجع بالسقي والعلاج قاله ابن القاسم على قياس قوله في الرد بالعيب وقاله أشهب ورواه عن مالك في كتاب ابن المواز .

                                                                                                                            والثاني : أنها تكون للمبتاع ، وهو مذهب أشهب في كتاب [ ص: 466 ] العيوب .

                                                                                                                            والثالث : أنها تمضى بما ينوبها من الثمن ، وهو قول ابن القاسم في كتاب الشفعة ، وإذا قلنا : إنها تمضى بما ينوبها من الثمن ، أو إنها غلة للمبتاع ففي ذلك ثلاثة أقوال : أحدها : الطيب ، وهو قول ابن القاسم في كتاب العيوب والثاني اليبس ، وهو قول ابن القاسم في المدونة والثالث : الجذاذ ، وهو قول أشهب في كتاب العيوب ، وأما التفليس فالمنصوص لهم قول واحد أنه أحق به ما لم تجذ ، فإن جذت كان أحق بالأصول بما ينوبها من الثمن ، ويدخل فيه الاختلاف بالمعنى ا هـ . وانظر بقية وجوه الثمرة في المقدمات ، وأما الصوف التام فلا يتصور فيه الشفعة ، وأما في الاستحقاق فيأخذه المستحق إن كان قائما ، أو مثله إن كان قد استهلكه المبتاع ، أو الثمن إن كان باعه ، وفي التفليس بائعه أحق به إن كان قائما ، وإن جزه المشتري المفلس ، وإن فات أخذ البائع الغنم بما ينوبها من الثمن وحاص الغرماء بما ينوب الصوف من الثمن ، وإن شاء رد الغنم وحاص الغرماء بما ينوب الصوف من الثمن ، وإن شاء ترك الغنم وحاص الغرماء بجميع الثمن قاله في المقدمات أما البيع الفاسد ، فلم أقف الآن على رد صريح فيه ، والظاهر : أن حكمه حكم الرد بالعيب فتأمله والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية