( ولو ) ولم يجد غيره ( أكل ) وجوبا منه ما يسد رمقه فقط أو ما يشبعه بشرطه وإن كان معسرا للضرورة ولأن الذمم تقوم مقام الأعيان ( وغرم ) إذا قدر قيمته إن كان متقوما وإلا فمثله لحق الغائب وبحث وجد ) مضطر ( طعام غائب البلقيني منع أكله إذا اضطر الغائب أيضا وهو يحضر عن قرب وهو متجه إن أراد بالقرب أن يكون بحيث يتمكن من زوال اضطراره بهذا دون غيره وغيبة ولي محجور كغيبة مستقل وحضوره كحضوره وله بيع ماله حينئذ نسيئة ولمعسر بلا رهن للضرورة ( أو ) لم يلزمه بذله ) له ( إن لم يفضل عنه ) بل هو أولى لخبر { وجد وهو غير نبي طعام ( حاضر مضطر } ابدأ بنفسك
أما النبي فيجب على غيره إيثاره على نفسه ولو من غير طلب وأفتى القاضي بأن الميتة لا يد لأحد عليها فلا يقدم بها من هي بيده واعترض بأنها كسائر المباحات فذو اليد عليها أحق بها وهو ظاهر وأما ما فضل عنه أي عن سد رمقه كما بحثه الزركشي فيلزمه بذله وإن احتاج إليه مآلا ( فإن آثر ) [ ص: 394 ] في هذه الحالة وهو ممن يصبر على الإضافة على نفسه مضطرا ( مسلما ) معصوما ( جاز ) بل سن لقوله تعالى { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة }
أما المسلم غير المضطر والذمي والبهيمة وألحق بهما المسلم المهدر فيحرم إيثارهم ( أو ) لزمه ) أي مالك الطعام ( إطعام ) أي سد رمق ( مضطر ) أو إشباعه بشرطه معصوم ( مسلم أو ذمي ) أو مستأمن وإن احتاجه مالكه مآلا للضرورة الناجزة وكذا بهيمة الغير المحترمة بخلاف نحو حربي ومرتد وزان محصن وكلب عقور ويلزمه ذبح شاته لإطعام كلبه الذي فيه منفعة ويجب وجد طعام حاضر ( غير مضطر ولا ينافيه ما مر من حل قتلهما لأنه ثم لضرورة فلا ينافي احترامهما هنا وإن كانا غير معصومين في نفسهما كما مر آنفا إطعام نحو صبي وامرأة حربيين اضطرا قبل الاستيلاء عليهما وبعده
( فإن ( فله ) أي المضطر ولا يلزمه على المعتمد وإن أمن ( قهره ) على أخذه ( وإن قتله ) لإهداره بالمنع فإن قتل المضطر قتل به أو مات جوعا بسبب امتناعه لم يضمنه لأنه لم يحدث فيه فعلا وقضية كلامهم أن للمضطر الذمي قتل المسلم المانع له وعليه يفرق بين هذا وعدم حل أكله لميتة المسلم بأنه لا تقصير ثم من المأكول بوجه وهنا ا لممتنع مهدر لنفسه بعصيانه بالمنع فبحث بعضهم أنه يضمنه وكأنه هو أو من جزم به كالشارح أخذه مما ذكر في ميتة المسلم يرد بما ذكرته منع ) المالك غير المضطر بذله للمضطر مطلقا أو إلا بزيادة على ثمن مثله بما لا يتغابن بها
أما إذا رضي ببذله له بثمن مثله ولو بزيادة يتغابن بها فيلزمه قبوله بذلك ولا يجوز له قهره ( وإنما يلزم ) المالك بذل ما ذكر للمضطر ( بعوض ناجز ) هو ثمن مثله زمانا ومكانا ( إن [ ص: 395 ] حضر ) معه ( وإلا ) يحضر معه عوض بأن غاب ماله ( ف ) لا يلزمه بذله مجانا مع اتساع الوقت بل بعوض ( نسيئة ) ممتدة لزمن وصوله إليه ؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر
قال الإسنوي ولا وجه لوجوب البيع نسيئة بل الصواب أنه يبيعه بحال غير أنه لا يطالبه به إلا عند اليسار ا هـ . ويرد بأنه قد يطالبه به قبل وصوله لماله مع عجزه عن إثبات إعساره فيحبسه أما إذا لم يكن له مال أصلا فلا معنى لوجوب الأجل لأنه لا حد لليسار يؤجل إليه ثم إن قدر العوض وأفرز له المعوض ملكه به كائنا ما كان وإن كان المضطر محجورا وقدره وليه بأضعاف ثمن مثله للضرورة وإن لم يقدره أو لم يفرزه له لزمه مثل المثلي وقيمة المتقوم في ذلك الزمن والمكان أما مع ضيق الوقت عن تقدير عوض بأن كان لو قدر مات فيلزمه إطعامه مجانا ويفرق بين هذا وما لو أوجر المضطر قهرا أو وهو نحو مغمى عليه أو مجنون فإن له البدل بأن مانع التقدير هنا قام بالمضطر لكونه عن التزام العوض أو غيبة عقله حتى أوجره فناسب إلزامه بالبدل
وأما في تلك فالمانع لم ينشأ عنه بل عن أمر خارج فلم يلزم بشيء ( ولو أطعمه ولم يذكر عوضا فالأصح لا عوض ) له [ ص: 396 ] لتقصيره فإن صرح بالإباحة فلا عوض قطعا قال البلقيني وكذا لو ظهرت قرينتها ولو اختلفا في ذكر العوض صدق المالك بيمينه ومر قبيل الوليمة وأول القرض ماله تعلق بذلك