ما أشعر بها من لفظ أو نحوه كإشارة وكتابة صريحا كان أو كناية فمن الصريح ( أوصيت ) فما أفهمه تعريف الجزأين من الحصر غير مراد ( له بكذا ) وإن لم يقل بعد موتي لوضعها شرعا لذلك ( أو ادفعوا إليه ) كذا ( أو أعطوه ) [ ص: 35 ] كذا وإن لم يقل من مالي على المعتمد أو وهبته أو حبوته أو ملكته كذا أو تصدقت عليه بكذا ( بعد موتي ) أو نحوه الآتي راجع لما بعد أوصيت ، ولم يبال بإيهام رجوعه له اتكالا على ما عرف من سياقه إن أوصيت وما اشتق منه موضوعة لذلك ( أو جعلته له أو هو له بعد موتي ) أو بعد عيني أو إن قضى الله علي ، وأراد الموت وإلا فهما لغو ، وذلك لأن إضافة كل منها للموت صيرتها بمعنى الوصية ، وكان حكمة تكريره بعد موتي اختلاف ما في السياقين إذ الأول محض أمر والثاني لفظه لفظ الخبر ومعناه الإنشاء ، وزعم أنها لو تأخرت لم تعد للكل ؛ لأن العطف بأو ضعيف كما يعلم مما مر في الوقف . ( وصيغتها ) أي الوصية
( فلو فهو هبة ناجزة أو على نحو ادفعوا إليه كذا من مالي فتوكيل يرتفع بنحو الموت ، وفي هذه وما قبلها لا تكون كناية وصية أو على جعلته له احتمل الوصية والهبة فإن علمت نيته لأحدهما وإلا بطل أو على ثلث مالي للفقراء لم يكن إقرارا ولا وصية ، وقيل وصية للفقراء ويظهر أخذا مما يأتي في هو له من مالي أنه كناية وصية فإن قلت لم لم يكن إقرارا بنذر سابق اقتصر على ) نحو وهبته له قلت ؛ لأن قوله مالي الصريح في بقائه كله على ملكه ينفي ذلك وإن أمكن تأويله إذ لا إلزام بالشك ، ومن ثم لو لم يبعد حمله على ذلك ليصح ؛ لأن كلام المكلف متى أمكن حمله على وجه صحيح من غير مانع فيه لذلك حمل عليه أو على ( هو له فإقرار ) ؛ لأنه من صرائحه ، ووجد نفاذا في موضوعه فلا يجعل كناية وصية وكذا لو قال ثلث هذا المال للفقراء فينجز من حينئذ وإن وقع جوابا ممن قيل له أوص ؛ لأن مثل ذلك لا يفيد خلافا اقتصر على قوله هو صدقة أو وقف على كذا لأبي ثور ( إلا أن يقول هو له من مالي فيكون وصية ) أي كناية فيها لاحتماله لها والهبة الناجزة فافتقر للنية ، وبه يرد ترجيح والمزني السبكي أنه صريح وعلى الأول لو مات ولم تعلم نيته بطل ؛ لأن الأصل عدمها والإقرار هنا غير متأت لأجل قوله مالي نظير ما مر ( ) وهي ما احتمل الوصية وغيرها كقوله عينت هذا له أو عبدي هذا له كالبيع بل أولى وفي قوله هذا صدقة بعد موتي على فلان مثلا لكناية ليست في الوصية ؛ لأن هذا صريح فيها بل في قوله صدقة لاحتماله الملك والوقف فإن جهل ما أراد به بطل ما لم يؤمر الوارث بالحلف أنه لا يعلم إرادته فينكل فيحلف المدعي أنه أراد الملك أو الوقف ، ويعمل به حينئذ . وتنعقد بالكناية
[ ص: 36 ] وصرح جمع متأخرون بصحة قوله لمدينه إن مت فأعط فلانا ديني الذي عليك أو ففرقه على الفقراء ولا يقبل قوله في ذلك بل لا بد من بينة به ( والكتابة ) بالتاء ( كناية ) فتنعقد بها مع النية ولو من ناطق ولا بد من الاعتراف بها نطقا منه أو من وارثه وإن وليس للشاهد التحمل حتى يقرأ عليه الكتاب أو يقول أنا عالم بما فيه وإشارة من اعتقل لسانه ينبغي أن يأتي فيها تفصيل الأخرس فإن فهمها كل أحد فصريحة ، وإلا فكناية ومر أن كنايته لا بد فيها من نية ، وأنه يكفي الإعلام بها بإشارة أو كتابة ولو قال هذا خطي وما فيه وصيتي كان وصية على الأوجه فإن قال في الثانية صدقوه بيمينه أو بلا بينة لم يكن وصية على الأوجه أيضا ؛ لأنه لم يسمح له بشيء ، وإنما قنع منه بحجة بدل حجة وهذا مخالف لأمر الشارع فليكن لغوا ويكلف البينة فإن قلت : لم لم يكن وصية لمن ادعى الوفاء وحلف ؟ قلت : ليس هذا وضع الوصية ولا قريبا منه فلم يحمل عليها سواء أعين الغرماء أم أجملهم فما أوهمه كلام قال من ادعى علي شيئا أو أنه أوفى مالي عنده فصدقوه بلا حجة أبي زرعة من أنه إذا عين الغريم وقدر مدعاه كان وصية بعيد جدا لما قررته أن اشتراطه اليمين إعراض عن الوصية بكل وجه كما هو ظاهر وفي الإشراف لو قال قال المريض ما يدعيه فلان فصدقوه فمات الجرجاني هذا إقرار بمجهول وتعيينه للورثة ، وسكت عليه الزركشي وغيره وفيه نظر ؛ لأن قوله يدعيه تبرؤ منه ولأن أمره لغيره بتصديقه لا يقتضي أنه هو مصدقه فلو قيل إنه وصية أيضا لم يبعد أو ما في جريدتي قبضته كله كان إقرارا بالنسبة [ ص: 37 ] لما علم أنه فيها وقته