( تنبيه )
مر في الوقف الفرق بين الواقف والمستحقين في أن المدار فيه على التأبير وعدمه وفيهم على الموجود وعدمه وحينئذ فلو كما قلنا ، ثم إنه للواقف وغيره للموصى له وإن برز قبل الموت أو أن ما وجد عند الموت تركة تأبر أو لا وما حدث بعده للموصى له كل محتمل ، والأقرب هنا الثاني ، ويفرق بينه وبين الواقف بأن المملك ثم الصيغة وحدها فاعتبرنا حال الثمرة عندها كالبيع وهنا لا اعتبار بالصيغة ؛ لأن وقت القول والتمليك لم يدخل بها بل بالموت بشرط القبول فاعتبرناه واعتبرنا وجود الثمرة عنده فتكون تركة وبعده فتكون وصية ( ويطالب ) يصح بناؤه للفاعل فالضمير للعبد وللمفعول فهو لكل من صلحت منه المطالبة كالوارث أو وليه والوصي ( الموصى له بالنفقة إن توقف في قبوله ورده ) فإن لم يقبل ولم يرد خيره الحاكم بينهما فإن أبى حكم عليه بالإبطال كمتحجر امتنع من الإحياء ، وقضية المتن جريان ذلك على كل قول واستشكل جريانه على الثاني بأن الملك لغيره فكيف تطالب بالنفقة ، وقد يوجه بأن مطالبته بها وسيلة لفصل الأمر بالقبول أو الرد فجاز لذلك وبهذا يجاب أيضا عن ترجيح أوصى بنخله فهل المؤبر عند الموت تركة ابن الرفعة على قول الوقف وجوب النفقة عليهما ، وفرق كاثنين عقدا على امرأة وجهل السابق السبكي بأن كلا منهما معترف بوجوب النفقة عليه ، وليس متمكنا من دفع الآخر بخلافهما هنا .
ويرده ما مر في خيار البيع أنهما يطالبان على القول بالوقف مع فقد نظير ما ذكره من الاعتراف فعلم أنه ليس هو السبب في مطالبتهما ، والكلام في المطالبة حالا ما بالنسبة للاستقرار فهي على الموصى له إن قبل ، وإلا فعلى الوارث وفي وصية التملك أما لو فالملك فيه للوارث إلى عتقه قطعا كما قالاه فالكسب وبدله لو قتل له ، والنفقة عليه كما اقتضاه كلامهما وصحح في البحر أن الكسب له ؛ لأنه استحق العتق استحقاقا مستقرا لا يسقط بوجه ، والأول أوجه ولو نظرنا لما علل به لما أوجبنا النفقة عليه ولا يقال هو مقصر بتأخير الإعتاق ؛ لأنه قد يفوض لغيره كالوصي ، ومثله ما لو أوصى بإعتاق قن معين بعد موته فعلى الأول هو للوارث وبه أفتى جماعة واعتمده أوصى بوقف شيء فتأخر وقفه الأذرعي وغيره وعلى الثاني هو للموقوف عليهم وبه أفتى بعضهم وكلام الجواهر يميل إليه ورجحه بعض المحققين وبحث [ ص: 41 ] الزركشي أنه لو لم يبطل في نصف الميت بل ينتقل للفقراء وفارق الوقف على هذين ، ثم الفقراء فإن أحدهما إذا مات انتقل نصيبه للآخر بأنه هنا مات بعد الاستحقاق وثم قبله فكأنه لم يوجد ، ومن ثم لو أوصى بشراء عقار بثلثه ووقفه على زيد وعمرو وثم على الفقراء فمات أحدهما قبل وقفه كان الكل للآخر كما قاله وقف على زيد وعمرو فبان أحدهما ميتا الخفاف وغيره ( تنبيه )
الوجه في أوصيت له برقبته أنه ليس كما لو أوصى بإعتاقه لاقتضاء الأولى أنه ملكه رقبته كما مر بخلاف الثانية كما تقرر ، وحينئذ فلو كان غير متأهل للقبول في الأولى لسفه أو جنون وقف كسبه وإنفاقه إلى قبوله نظير ما مر في وصية التملك ولا ينظر لتضرر الورثة لكون إفاقة المجنون غير منتظرة ؛ لأن تعلق حق الوصية به أوجب الاحتياط له ، وهو لا يحصل إلا بالوقف فيستكسبه القاضي وينفق عليه إلى تأهله