( ) يعني القن الموصى بمنفعته كما بأصله ولو مؤبدا ؛ لأنه خالص ملكه نعم يمتنع إعتاقه عن الكفارة وكتابته لعجزه عن الكسب ومنه يؤخذ أنها لو أقتت بزمن قريب لا يحتاج فيه لنفقة أو بقي من المدة ما لا يحتاج فيه لذلك صح إعتاقه عنها وكتابته لعدم عجزه حينئذ وعلى هذا يحمل ما بحثه وله ) أي الوارث ومثله موصى له برقبته دون منفعته ( إعتاقه الأذرعي فتأمله وكالكفارة النذر على الأوجه ؛ لأنه يسلك به مسلك الواجب ، والوصية بحالها بعد العتق ومؤنته في بيت المال وإلا فعلى مياسير المسلمين وللوارث أيضا وطؤها إن أمن حبلها ، ولم يفوت به على الموصى له منفعة يستحقها فإن لم يأمنه امتنع خوف الهلاك بالطلق والنقص والضعف بالحمل أما ولدها من الوارث فحر نسيب ، وعليه قيمته يشترى بها مثله لينتفع به الموصى له وتصير أم ولد فتعتق بموته مسلوبة المنفعة ، وظاهر أن الواطئ بشبهة يلحقه الولد ويكون حرا وتلزمه قيمته ليشتري بها مثله كما ذكر ( وعليه ) أي الوارث ومثله الموصى له برقبته ( نفقته ) يعني مؤنة الموصى بمنفعته قنا كان أو غيره [ ص: 65 ] ومنها فطرة القن ( إن أوصي ) بالبناء للمفعول وهو الأحسن ، ويصح للفاعل وحذف للعلم به أي إن أوصى الموصي ( بمنفعته مدة ) ؛ لأنه مالك الرقبة والمنفعة فيما عدا تلك المدة .
وفيما إذا تحمل على السنة الأولى لقولهم لو أوصي بمنفعة عبد أو دار سنة بطلت الوصية ؛ لأن المستحق منفعة السنة الأولى ، وقد فوتها وعلى تعين الأولى لو كان الموصى له غائبا عند الموت ، وجب له إذا قبل الوصية بدل منفعة تلك السنة التي تلي الموت ، وإن تراخى القبول عنها ؛ لأن به يتبين استحقاقه من حين الموت كما علم مما مر على من استولى عليها من وارث أو غيره كما هو ظاهر خلافا لمن ظن فوات حقه بغيبته ، ثم رتب عليه بحثه أنه ينبغي أن له سنة من حين المطالبة ( وكذا أبدا في الأصح ) ؛ لأنه ملكه وهو متمكن من دفع الضرر عنه بالإعتاق أو غيره ، وأفتى صاحب البيان بأنه وإن عتق يستمر عليه حكم الأرقاء لاستغراق منافعه على الأبد بخلاف المستأجر لانتهاء ملك منافعه ، واعتمده أوصى بمنفعته سنة ثم آجره سنة ومات فورا الأصبحي في كتابه الأسرار وخالفهما أبو شكيل والسبتي فقالا بل له حكم الأحرار ، ورجح بعض المتأخرين الثاني بأنه أوفق لإطلاق الأئمة إذ لم يعد أحد من موانع نحو الإرث والشهادة استغراق المنافع ا هـ .
وقول الهروي لا تلزمه الجمعة يحتمل كلا من الرأيين أما الأول فواضح ، وأما الثاني فهو لاستغراق منافعه وإن كان حرا ، ومحله إن زاد اشتغاله بها على قدر الظهر وإلا لزمته ولم يكن لمالك منافعه منعه منها كالسيد مع قنه ( وبيعه ) أي الموصى بمنفعته فهو مضاف للمفعول وحذف فاعله وهو الوارث للعلم به ، ويصح عود الضمير للوارث السابق فهو مضاف للفاعل ( إن لم يؤبد ) بالبناء للفاعل وحذف للعلم به أي الموصي المنفعة وللمفعول أي إن لم تؤبد الوصية بمنفعته ( ك ) بيع الشيء ( المستأجر ) فيصح البيع ، ولو لغير الموصى له وأفهم التشبيه أنه لا بد هنا من العلم بالمدة وهو كذلك فإبداء ابن الرفعة [ ص: 66 ] ذلك بحثا لعله لعدم كون هذا نصا فيه وإلا كالمقدرة بحياته لم يصح بيعه أي لا للموصى له كما علم من قوله ( وإن أبد ) المنفعة ولو بإطلاقها لما مر أنه يقتضي التأبيد ( فالأصح أنه يصح بيعه للموصى له دون غيره ) إذ لا فائدة ظاهرة لغيره فيه ، ومن ثم إن اجتمعا على بيعه من ثالث صح على الأوجه من وجهين فيه لوجود الفائدة حينئذ .
ولم ينظروا هنا لفائدة الإعتاق كالزمن ؛ لأنه لم يحل أحد بين المشتري وبين منافعه ، وهنا الموصى له لما استحق جميع منافعه على التأبيد صار حائلا بينه وبين مريد شراه فلم يصح كما علم مما مر في ثالث شروط البيع وإذا لم يصح بيعه إلا للموصى له فأسلم القن والموصى له والوارث كافران فالذي يظهر أنه يحال بينهما وبينه ، ويستكسب عند مسلم ثقة للموصى له ولا يجبران على بيعه لثالث ؛ لأنه لا يدرى ما يخص كلا من الثمن ، ولو تخليصا له من ذل بقائه في ملكه الموجب لاستيلائه عليه في غير وقت الانتفاع به أو لا كل محتمل ، والأول أقرب فإن قلت يشكل على ما تقرر من صحة بيعهما لثالث ما مر أنهما لو باعا عبديهما لثالث لم يصح وإن تراضيا . أوصى بمنفعة كافر لمسلم أبدا فأسلم القن فهل يجبر الوارث الكافر على بيعه للموصى له إن رضي به قلت يفرق بأن كلا من القنين مثلا مقصود لذاته فقد يقع النزاع بينهما في التقويم لا إلى غاية بخلاف أحد المبيعين هنا فإنه تابع فسومح فيه ، ولو أوصى أن يدفع من غلة أرضه كل سنة كذا لمسجد كذا مثلا ، وخرجت من الثلث لم يصح بيع بعضها وترك ما يحصل منه المعين لاختلاف الأجرة فقد تستغرقها فيكون الجميع للموصى له نعم يصح بيعها لمالك المنفعة .
وفيما إذا قال بمائة من غلتها فلم تأت الغلة إلا مائة فقد تعارض مفهوم من ومفهوم مائة فما المرجح والذي يتجه تقديم الثاني ؛ لأن المائة لا تطلق على ما دونها ومن قد تكون لابتداء الغاية كما تقدم في : ثم وصاياه من ثلث الباقي أنه يشمل الوصية بالثلث ، وتكون من للابتداء ولو فظاهر كلام بعضهم [ ص: 67 ] صحة الوصية وعليه فيجبر على نقلها لمسلم كما لو أوصى بمنفعة مسلم لكافر ، وقد يفهم المتن أنه لا يصح استأجر كافر مسلما عينا إلا للوارث وهو كذلك ، ونظيره ما مر في بيع حق نحو البناء أو المرور ، وقد يرد على هذا الحصر قولهم لو جنى ففدى الوارث أو الموصى له نصيبه بيع في الجناية نصيب الآخر ، واستشكله بيع الموصى له بالمنفعة المؤبدة الشيخان بأنه إن فديت الرقبة فكيف تباع المنافع وحدها . وأجيب بأنه معقول صرحوا به في بيع حق نحو البناء كما تقرر وبأنها تباع وحدها بالإجارة وفيه نظر ؛ لأن الإجارة المحضة إنما تتصور في مؤقت بمعلوم ، والمنفعة هنا ليست كذلك ولأن قضية الجواب الأول صحة بيع الموصى له المنفعة بغير الوارث مطلقا ولم يقولوا به فالذي يتجه في الجواب أن هذا بيع لضرورة الجناية فسومح فيه دون غيره ولو لم يعتق الحمل ؛ لأنه لما انفرد بالملك صار كالمستقل أو بما تحمله وقلنا بما مر أن الوصية تستغرق كل حمل وجد في المستقبل فأعتقها الوارث وتزوجت ولو بحر فعن بعضهم أن أولادها أرقاء ، وصوب أوصى بأمة لرجل وبحملها لآخر فأعتقها مالكها الزركشي رحمه الله انعقادهم أحرارا .
ويغرم الوارث قيمتهم ؛ لأنه بالإعتاق فوتهم على الموصى له ا هـ [ ص: 68 ] وهو عجيب مع قولهم الآتي في العتق لو كان الحمل لغير المعتق بوصية أو غيرها لم يعتق بعتق الأم فعلم أن الوجه هو الأول ؛ لأن تعلق حق الموصى له بالحمل يمنع سريان العتق إليه فيبقى على ملكه ( و ) الأصح ( أنه تعتبر قيمة العبد ) مثلا ( كلها ) أي مع منفعته ( من الثلث إن أوصى بمنفعته أبدا ) أو مدة مجهولة ؛ لأنه حال بينها وبين الوارث ولتعذر تقويم المنفعة بتعذر الوقوف على آخر عمره فيتعين تقويم الرقبة مع منفعتها فإن احتملها الثلث لزمت الوصية في الجميع ، وإلا ففيما يحتمله فلو ساوى العبد بمنافعه مائة وبدونها عشرة اعتبرت المائة كلها من الثلث فإن وفى بها فواضح ، وإلا كأن لم يف إلا بنصفها صار نصف المنفعة للوارث ، والذي يتجه في كيفية استيفائها أنهما يتهايآنها ( وإن أوصى بها مدة ) معلومة ( قوم بمنفعته ثم ) قوم ( مسلوبها تلك المدة ، ويحسب الناقص من الثلث ) ؛ لأن الحيلولة له بصدد الزوال .
فإذا ساوى بالمنفعة مائة وبدونها تلك المدة تسعين فالوصية بعشرة فإن وفى بها الثلث فواضح وإلا كان وفى بنصفها فكما مر كما هو ظاهر والكلام في الوصية بجميع المنافع فلو أوصى له ببعضها كلبن شاة فقط قومت بلبنها ثم خلية عنه أبدا أو إلى المدة المعلومة إن ذكرها ونظر في التفاوت أيسعه الثلث أم لا ، ولو أوصى بالرقبة فقط لم تحسب من الثلث ؛ لأن الرقبة الخالية من المنافع كالتالفة فلا قيمة لها أو بالمنفعة لواحد وبالرقبة لآخر فرد الأول رجعت المنفعة للوارث على الأوجه ، ولو أعاد الدار بآلاتها عاد حق الموصى له بمنافعها