والعبرة فيه بالآباء كالإسلام فلا يكافئ من أسلم بنفسه أو له أبوان في الإسلام من أسلمت بأبيها أو من لها ثلاثة آباء فيه وما لزم عليه من أن الصحابي ليس كفؤ بنت تابعي صحيح لا زلل فيه لما يأتي أن بعض الخصال لا يقابل ببعض فاندفع ما ( و ) ثالثها ( نسب ) للأذرعي هنا واعتبر النسب في الآباء لأن العرب تفتخر به فيهم دون الأمهات فمن انتسبت لمن تشرف به لا يكافئها من لم يكن كذلك وحينئذ ( فالعجمي ) أبا وإن كانت أمة عربية ( ليس كفؤ عربية ) وإن كانت أمها عجمية لأن الله تعالى اصطفى العرب على غيرهم وميزهم عنهم بفضائل جمة كما صحت به الأحاديث وقد ذكرتها وغيرها في كتابي مبلغ الأرب في فضائل العرب .
( ولا غير قرشي ) من العرب ( قرشية ) أي كفؤ قرشية لأن الله تعالى اصطفى قريشا من " كنانة " المصطفين من العرب كما يأتي ( ولا غير هاشمي ومطلبي ) كفؤا ( لهما ) لخبر { مسلم العرب كنانة واصطفى من كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم } وصح خبر نحن إن الله اصطفى من وبنو المطلب شيء واحد فهما متكافئان نعم أولاد منهم لا يكافئهم غيرهم من بقية فاطمة بني هاشم لأن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن أولاد بناته ينسبون إليه في الكفاءة وغيرها كما صرحوا به وبه يرد على ما قال أنهم أكفاء لهم كما أطلقه الأصحاب ويفرق بين هذا واستواء قريش كلهم بالنسبة للإمامة العظمى بأن المدار ثم على طيب المعدن وهو عام فيهم وهنا على الشرف المقتضي للحوق عازما [ ص: 280 ] بنكاح الغير .
ولا شك أن بني هاشم والمطلب أشرف من بقية قريش بذلك الاعتبار ، وغير قريش من العرب أكفاء وكأنهم إنما لم يقدموا كنانة مع ما مر فيهم لأن العرب لا يعدون لهم فخرا متميزا على غيرهم بحيث يتعيرون لو نكح غيرهم نساءهم وبهذا يفرق بين ما هنا والتقديم في الديوان كما مر في قسم الفيء لأن المدار ثم على مطلق الشرف لا بهذا القيد ومن ثم قدم الكناني في الإمامة على غيره بخلافه هنا وقد يتصور نسب بأن يتزوج هاشمي أمة بشرطه فتلد بنتا فهي ملك لمالك أمها فيزوجها من رقيق ودنيء نسب لأن وصمة الرق الثابت من غير شك ألغت اعتبار كل كمال معه مع كون الحق في الكفاءة في النسب لسيدها لا لها على ما جزم به تزويج هاشمية برقيق ودنيء شيخنا حتى لا ينافيه قولهما في " الخلاف في مقابلة بعض الخصال ببعض " الظاهر في امتناع نكاحها وصوبه تزويج أمة عربية بحر عجمي الإسنوي لأن محله فيما إذا زوجها غير سيدها كوليه أو مأذونه ( والأصح ) قياسا عليهم فالفرس أفضل من النبط اعتبار النسب في العجم كالعرب وبنو إسرائيل أفضل من القبط لا عبرة بالانتساب للظلمة بخلاف الرؤساء بإمرة جائزة ونحوها لأن أقل مراتبها أن تكون كالحرف ، وقول التتمة وللعجم في النسب عرف فيعتبر يحمل على غير ما ذكروه مما مر كتقديم بني إسرائيل وكذا ما قيس بذلك من اعتبار عرفهم في الحرف أيضا يتعين حمله على غير ما يأتي عنهم من أنه رفيع أو دنيء وإلا لم يعتبر بعرف لهم ولا لغيرهم خالف ما ذكره الأئمة لأنهم أعلم بالعرف وهو بعد أن عرفوه وقرروه لا نسخ فيه .