( وإن ) أو بألف إن شئت فشاءت فورا أو قالت له طلقني بألف فطلقها ( طلقت رجعيا ) ولغا ذكر المال وإن أذن لها الولي فيه لعدم أهليتها لالتزامه وليس للولي صرف مالها في هذا ونحوه وإن تعينت المصلحة فيه على ما اقتضاه إطلاقهم ويتعين حمله على ما إذا لم يخش على مالها من الزوج [ ص: 464 ] ولم يمكن دفعه إلا بالخلع فينبغي جوازه أعني صرف المال في الخلع أخذا من أنه يجب على الوصي دفع جائر عن مال موليه إذا لم يندفع إلا بشيء فإن قلت هو لا يؤثر بينونة ؛ لأن الزوج لا يملكه خالع سفيهة ) أي محجورا عليها بسفه بألف ( أو قال طلقتك على ألف ) أو على هذا ( فقبلت قلت الغالب في الواقع رجعيا أنه يئول إلى البينونة فكان جواز ذلك محصلا ولو ظنا لسلامتها من أخذ مال لها أكثر من ذلك والكلام فيما بعد الدخول وإلا بانت ولا مال كما نبه عليه المصنف وهو واضح وفيما إذا لم يعلق الطلاق بنحو إبرائها من صداقها وإلا لم يقع خلافا للسبكي وإن أبرأته لا يبرأ وفيما إذا علم أنه لا يصح التزامها المال وإلا لم يقع على ما شذ به الإمام وإن تبعه جمع لكن المنقول المعتمد أنه لا فرق لتقصيره ومن ثم أفتى بعضهم بأنه لو حكم بالأول حاكم نقض حكمه أخذا من قول السبكي ليس للحاكم الحكم بالشاذ في مذهبه وإن تأهل لترجيحه وليست المراهقة كالسفيهة في ذلك على المعتمد فلا يقع عليها مطلقا ؛ لأن السفيهة متأهلة للالتزام بالرشد حالا ولا كذلك الصبية .
( فإن لم تقبل لم تطلق ) ؛ لأن الصيغة تقتضي القبول نعم إن وقع رجعيا كما يعلم مما يأتي ولو علق بإعطاء السفيهة فأعطته لم يقع على الأرجح عند نوى بالخلع الطلاق ولم يضمر التماس قبولها البلقيني من احتمالين له [ ص: 465 ] لأنه يقتضي التمليك ولم يوجد وفرق بينه وبين ما يأتي في الأمة بأن تلك يلزمها مهر المثل فهي أهل لالتزامه بخلاف السفيهة ورجح شيخنا احتماله الثاني وهو انسلاخ الإعطاء عن معناه الذي هو التمليك إلى معنى الإقباض فتطلق رجعيا وعلله بتنزيل إعطائها منزلة قبولها ا هـ وفيه نظر وإن قال إنه مقتضى كلام الشيخين ؛ لأن الأصل في الإعطاء أنه يقتضي الملك وإنما خرجنا عنه في الأمة لما تقرر أن لها ذمة قابلة للالتزام ببدل المعطى ولا كذلك السفيهة فأجريناها على القاعدة ؛ لأن إعطاءها لا يقتضي ملكا ولا بدلا له ويفرق بين قبولها وإعطائها بأن اعتبار قبولها ليس لوجود تعليق محض يقتضي التمليك بل لما فيه شائبة تعليق على ما لا يقتضي الملك بخلاف إعطائها فإن التعليق به محض ومنزل على الملك ولم يوجد فاندفع تنزيله منزلته وليس من التعليق منه قولها بذلت لك أو بذلت من غير لك صداقي على طلاقي فقال أنت طالق فيقع رجعيا ؛ لأن التعليق إنما تضمنه كلامها لا كلامه وحينئذ لا يبرأ وإن كانت رشيدة ؛ لأن هذا البذل لغو ؛ لأنه لا يستعمل إلا في الأعيان .
وبفرض صحته في الديون هو متضمن لتعليق الإبراء وتعليقه يبطله ثم رأيت غير واحد أفتوا بما ذكرته مع تعرض بعضهم لكون ابن عجيل والحضرمي قالا بوقوعه بائنا بمهر المثل لكنه أشار إلى أن ذلك لم يثبت عنهما وبعضهم وهو الكمال الرداد شارح الإرشاد للمبالغة في رد هذه المقالة فقال في حاكم حكم بالبينونة ينقض حكمه أي ؛ لأنه لا وجه له إذ الزوج لم يربط طلاقه بعوض ولا عبرة بكونه إنما طلق لظنه سقوط الصداق عنه بذلك لتقصيره بعدم التعليق به ومن ثم لو قال بعد البذل أنت طالق على ذلك فقبلت وقع بائنا بمهر المثل ؛ لأنه لم يعلق بالبراءة حتى يقتضي فسادها عدم الوقوع بل البذل وهو لا يصح فوجب مهر المثل ولك أن تحمل كلام ابن عجيل والحضرمي إن صح عنهما على ما إذا نويا بذل مثل الصداق وجعلاه عوضا ففي هذه الحالة يقع بائنا بلا شك ثم إن علماه وجب وإلا فمهر المثل بخلاف ما إذا لم ينويا ذلك فإنه لا وجه للوقوع بائنا حينئذ ؛ لأنها إن أرادت ببذلت الإبراء كما هو المتبادر منها إذ لا تستعمل عرفا إلا في ذلك .
فإن قلنا إن البذل لا يصح استعماله مرادا به الإبراء لما بينهما من التنافي كما يأتي بيانه آخر الفصل الذي بعد هذا فواضح أن طلاقه لم يقع بعوض أصلا فلا وجه إلا وقوعه رجعيا وإن قلنا إنه يصح إرادة ذلك به لغلبة استعماله فيه عرفا فهو إبراء معلق وهو لا يصح ؛ لأنه حينئذ بمنزلة أبرأتك من صداقي على طلاقي فقال أنت طالق وهذا إبراء باطل ؛ لأنه معلق بالطلاق وإذا بطل الإبراء لم يبق عوض يقتضي البينونة وبتسليم أنه ليس تعليقا وأن على بمعنى مع نظير طلاقها بصحة براءتها فلا عوض هنا ملتزم أيضا فلا بينونة وقد تقرر أن [ ص: 466 ] أطمعه فيه بلا لفظ يدل عليه لا يفيده شيئا فاتضح أنه لا وجه لما قاله ذانك الإمامان إلا إن حمل على ما ذكرته ومما يعين ذلك ما يأتي عن ابن عجيل ثم أنه لو علق بالبراءة فأتت بلفظ البذل لم يقع ؛ لأنه لا يحتمله فهذا صريح في رد ما قاله هنا من البينونة إن لم نحمله على ما ذكر وأن الوجه الذي لا يجوز غيره فيما عدا هذه الصورة أنه لا يقع إلا رجعيا فتأمله .
ثم رأيت صاحب العباب قال في فتاويه ما حاصله إن علم الزوج بما قالت أي بحكمه أنه لا معاوضة فيه فهو مبتدئ بطلاق فيقع رجعيا وإن ظن أنه وجد منها التماس بعوض صحيح فيظهر فيه احتمالان ؛ أقربهما عدم الوقوع ؛ لأن جوابه يقدر فيه إعادة ذكر ذلك العوض المذكور وهو لو قال كذلك جاهلا لم تطلق إذ لا عوض صحيح ولا فاسد بل ولا التماس طلاق فكأنه قال ابتداء طلقتك بكذا ولم تقبل ثم قال والاحتمال الثاني وقوعه بمهر المثل على ما اختاره كقولها إن طلقتني فأنت بريء من صداقي فطلق جاهلا بفساد البراءة البلقيني وغيره من الفرق بين علمه وجهله وهذا الاحتمال ضعيف ؛ لأنه في هذه الصورة وجد منها التماس الطلاق فالفساد إنما هو في العوض فقط وفي مسألتنا لم تلتمس طلاقا أصلا ا هـ وما وجه به ما اعتمده من وقوعه رجعيا في حالة العلم موافق لما قدمته أن طلاقه لم يقع بعوض أصلا ومن عدم وقوعه في حالة الجهل لما ذكره يرده قولنا السابق أنه لم يربط طلاقه بعوض ولا عبرة بكونه إلى آخره فإن قلت ينافي إفتاءه المذكور قوله في عبابه ويظهر أن بذلت صداقي على طلاقي كأبرأتك على الطلاق قلت لا ينافيه لما يأتي فيه ثم عن الخوارزمي بما فيه مبسوطا ولو فإن أبرأت براءة صحيحة وقع وإلا فلا ويظهر أنه يقع هنا رجعيا كما هو التحقيق المعتمد في طلاقك بصحة براءتك ؛ لأن الباء هنا كما احتملت المعية المردود به قول قال أنت طالق على صحة البراءة المحب الطبري يقع بائنا كذلك على تأتي بمعنى مع فساوت الباء في ذلك ولو وقع بائنا كما قاله جمع . قالت بذلت صداقي على طلاقي وتخلي لي بيتك فقال أنت طالق على ذلك ولا أخلي لك البيت
وهو ظاهر إن قبلت وإلا فلا وجه للبينونة [ ص: 467 ] وعليها قال بعضهم بمهر المثل ولا يبرأ من المهر وقال بعضهم يوزع المسمى على مهر المثل وقيمة البيت أي نظير ما مر في الوصية بمنفعة مجهولة ؛ لأنها بذلت مهرها في مقابلة الطلاق والتخلية فوقع بما يقابله منه وفي إن أبرأتني من صداقك فقالت نذرت لك به قال جمع لا يقع شيء أي والنذر صحيح واستشكل بأن هبة الدين لمن عليه إبراء ورد بفقد صيغة البراءة أي والهبة المتضمنة لها ولا نظر لتضمن النذر لها أيضا ؛ لأنه تضمن بعيد كما هو ظاهر ومحله حيث لم ينو سقوط الدين عن ذمته وإلا بانت بذلك وبرئ .