( وإن بأن يكون فوق سكتة التنفس والعي أو كلام منه أو منها مثلا ، وإن قل ، وهل يفرق هنا بين الأجنبي وغيره كالبيع أو لا ؛ لأن ما هنا أضيق بدليل ما تقرر في السكوت فإنه لا يعتبر ثم بما يعتبر به هنا بل بالعرف الأزيد من ذلك كل محتمل ، والفرق أوجه ؛ لأن ما هنا فيه رفع للصريح فاحتيط له أكثر ثم رأيت ما يأتي في اتصال الاستثناء وفيه التفصيل بين الأجنبي وغيره مع قولهم إن ما هنا أبلغ منه في البيع ثم قولهم أو منها مشكل فإنها قد تتكلم بكلمة زمن سكوته بقدر سكتة التنفس والعي والذي يتجه حينئذ أن هذا لا يضر ، وأن المدار إنما هو على سكوته أو كلامه لا غير ( فثلاث ) [ ص: 53 ] يقعن وإن قصد التأكيد لبعده مع الفصل ؛ ولأنه معه خلاف الظاهر ومن ثم لو قصده دين ، نعم يقبل منه قصد التأكيد والإخبار في معلق بشيء واحد كرره ، وإن طال الفصل بل لو أطلق هنا لا حنث أيضا بخلاف ما إذا قصد الاستئناف ( وإلا ) يتخلل فصل كذلك ( فإن قصد تأكيدا ) للأولى أي قبل فراغها أخذا مما يأتي في الاستثناء ونحوه بالأخيرتين ( فواحدة ) ؛ لأن التأكيد معهود لغة وشرعا فإن قلت الجملة الثانية إن كانت خبرية لزم انتقاء التأكيد ؛ لأن شرطه اتحاد جنسهما والخبرية ضد الإنشائية أو إنشائية وقع ثنتان قال أنت طالق أنت طالق أنت طالق ) أو أنت طالق طالق طالق ( وتخلل فصل ) بينها بسكوت قلت يختار الأول ، ويمنع لزوم ما ذكر ؛ لأن المراد باتحاد الجنس هنا اتحاده لفظا إذ الكلام في التأكيد اللفظي والجملتان هنا خبريتان لفظا فاتحد الجنس وصح قصد التأكيد ، وأن يختار الثاني ، ويمنع وقوع طلقتين ؛ لأن نية التأكيد بالثانية صيرت معناها هو عين معنى الأولى فلا دلالة لها على إيجاد غير الأولى أصلا ، وإلا لزم أن لا تأكيد فإن قلت يلزم من التأكيد بالمعنى المذكور تحصيل الحاصل قلت ممنوع ؛ لأن ملحظ التأكيد اللفظي التقوية وبالضرورة أن المعنى إذ قصد ثانيا بذلك اللفظ ازداد قوة واعتناء به من اللافظ فإفادة الثانية هذا يمنع زعم أن فيه تحصيل الحاصل ثم رأيت التاج السبكي أجاب باختيار أنها إنشائية ولا يلزم ما ذكر بأنها إنشاء للتأكيد فشاركت الأولى في أصل الإنشاء ، وافترقتا فيما أنشأتاه . انتهى .
وما ذكرته أجود ، وأوضح ومن ثم لم يتأت فيه النظر الذي قيل في كلام التاج كما يعرف بتأمل ذلك كله ( أو استئنافا فثلاث ) لظهور اللفظ فيه مع تأكده بالنية ( وكذا إن أطلق في الأظهر ) عملا بظاهر اللفظ ، وعجب قول الزركشي هذا مشكل بقولهم لا بد من قصد لفظ الطلاق لمعناه وبما مر في سبق اللسان ، وفي يا طالق لمن اسمها طالق . انتهى .
وهو غفلة عما مر أنه لا يشترط ذلك القصد إلا عند القرينة الصارفة كما في الأخيرة ، وهنا لا صارف للفظ عن مدلوله فأثر ، ويأتي هذا التفصيل كما أشرت إليه [ ص: 54 ] فيما مر في تكرير الكناية كبائن وفي اختلاف اللفظ كأنت طالق مفارقة مسرحة وكأنت طالق بائن اعتدي وفي التكرير فوق ثلاث مرات خلافا لابن عبد السلام ومن تبعه ووفاقا للإسنوي قال كما أطلقه الأصحاب وكلام ابن عبد السلام ليس صريحا في امتناعه أي ؛ لأنه لم يصرح به إنما قال إن العرب لا تؤكد فوق ثلاث قال الإسنوي وبتسليمه فالخروج عن الممتنع النحوي لا أثر له كما أوضحوه في الإقرار وغيره وقد صرح الغزالي في فتاويه بحاصل ما ذكرته . انتهى . وللبلقيني قال ولا ينبغي أن يتخيل أن الرابعة تقع بها طلقة لفراغ العدد ؛ لأنه إذا صح التأكيد بما يقع لولا قصد التأكيد فلأن يؤكد بما لا يقع عند عدم قصد التأكيد أولى ( وإن قصد بالثانية تأكيد الأولى وبالثالثة استئنافا أو عكس ) أي قصد بالثانية استئنافا وبالثالثة تأكيد الثانية ( فثنتان ) عملا بقصده ( أو ) قصد ( بالثالثة تأكيد الأولى ) أو بالثانية استئنافا ، وأطلق الثالثة أو بالثالثة استئنافا ، وأطلق الثانية ( فثلاث ) يقعن ( في الأصح ) لتخلل الفاصل بين المؤكد والمؤكد وعملا بقصده وبظاهر اللفظ .
( تنبيه )
قد يشكل وقوع الثلاث في أنت طالق طالق طالق بما مر أنه لو لا يقع به شيء ، والوقوع بالثانية والثالثة هنا يستلزم تقدير أنت ، ويرد بمنع الاحتياج لهذا التقدير ؛ لأن هذا من باب تعدد الخبر لشيء واحد لقرينة عدم قصد التأكيد فإن قلت قال قال طالق ونوى أنت أو أنت ونوى طالق الرضي ما تعدد لفظا لا معنى ليس من تعدد الخبر في الحقيقة نحو زيد جائع ؛ لأنهما بمعنى واحد والثاني في الحقيقة تأكيد للأول . انتهى .
وعليه فليس هنا تعدد خبر قلت ممنوع والفرق بين ما هنا وما قاله الرضي واضح ؛ لأنه مصرح بأن المعنى لم يتعدد فيما ذكره وما هنا متعدد المعنى إذ كل من الطلقات الثلاث له معنى مغاير لما قبله شرعا ؛ لأن الشارع حصر المزيل للعصمة فيهن فكل منهن له دخل في إزالتها فكان في الثانية من الإزالة ما ليس في الأولى وفي الثالثة ما ليس في الثانية وحينئذ فهو حيث لم ينو تأكيدا آت بأخبار ثلاثة متغايرة عن مبتدأ واحد بخلاف ما في مثال الرضي فتأمله .
( تنبيه آخر )
صريح كلامهم في نحو أنت طالق طالق طالق وأطلق وقوع الثلاث ، وإن فصل بأزيد من سكتة التنفس والعي وحينئذ فهل لهذا الأزيد ضابط أو لا لم أر فيه شيئا وظاهر كلامهم الثاني ، وهو مشكل إذ يلزم عليه أن من أنه يقع بالثاني طلقة والذي يتجه ضبط ذلك الأزيد بأن يكون بحيث ينسب الثاني إلى الأول عرفا ، وإلا لم يقع بالثاني شيء ؛ لأن أنت الذي هو خبر له كما تقرر انقطعت نسبته عنه فلم يمكن حمله عليه [ ص: 55 ] والعجب من النحاة في تعدد الخبر لشيء واحد أنهم لم يضبطوا ذلك بزمن أيضا فلزمهم ما لزم الفقهاء مما ذكر فتأمله . قال أنت طالق ثم بعد سنة مثلا قال طالق