الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن أنهاه رجل ) أي أوصله جان ( إلى حركة مذبوح بأن لم يبق ) فيه إدراك و ( إبصار ونطق وحركة اختيار ) قيل الأولى اختياريات ، وإنما يتجه إن علم تنوين الأولين في كلام المصنف وإلا حملناه على عدم تنوينهما تقديرا للإضافة فيهما ( ثم جنى آخر فالأول قاتل ) لأنه الذي صيره لحالة الموت ومن ثم أعطي حكم الأموات مطلقا ( ويعزر الثاني ) لهتكه حرمة ميت وأفهم التقييد بالاختيار أنه لا أثر لبقاء الاضطرار فهو معه في حكم الأموات ومنه ما لو قد بطنه وخرج بعض أحشائه عن محله خروجا يقطع بموته معه فإنه وإن تكلم بمنتظم كطلب من وقع له ذلك ماء فشربه ثم قال هكذا يفعل بالجيران ليس عن روية واختيار فلم يمنع الحكم عليه بالموت بخلاف ما لو بقيت أحشاؤه كلها بمحلها فإنه في حكم الأحياء ؛ لأنه قد يعيش مع ذلك كما هو مشاهد حتى فيمن خرق بعض أمعائه ؛ لأن بعض المهرة فعل فيه ما كان سببا للحياة مدة بعد ذلك وعبارة الأنوار لو قطع حلقومه أو مريئه أو أخرج بعض أحشائه وقطع بموته لا محالة وصريحها أن مجرد إخراج بعض الأحشاء قد تبقى معه الحياة على أن قوله وقطع بموته لا محالة يرد عليه ما يأتي في باب الصيد والذبائح أنه مع استقرار الحياة لا أثر للقطع بموته بعد ، وظاهر أن ما هنا كذلك إذ الظاهر أن تفاصيل بقاء الحياة المستقرة وعدمه ثم يأتي هنا ويرجع فيمن شك [ ص: 394 ] في وصوله لها إلى عدلين خبيرين ( وإن جنى الثاني قبل الإنهاء إليها فإن ذفف كحز بعد جرح فالثاني قاتل ) لقطعه أثر الأول وإن علم أنه قاتل بعد نحو يوم ( وعلى الأول قصاص العضو أو مال بحسب الحال ) من عمد وضده ولا نظر لسريان الجرح لاستقرار الحياة عنده ( وإلا ) يذفف الثاني أيضا ومات بهما كأن قطع واحد من الكوع وآخر من المرفق أو أجافاه ( فقاتلان ) لوجود السراية منهما وهذا غير قوله السابق أو لا إلى آخره ؛ لأن ذلك في المعية وهذا في الترتيب .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : إدراك إلخ ) وهذه الحياة المستقرة التي يبقى معها الإدراك ويقطع بموته بعد يوم أو أيام بخلاف الحياة المستقرة وهي التي لو ترك معها عاش م ر ( قوله : مطلقا ) قضيته جواز تجهيزه ودفنه حينئذ وفيه بعد وأنه يجوز تزوج زوجته حينئذ إذا انقضت عدتها كأن ولدت عقب صيرورته [ ص: 394 ] إلى هذه الحالة وأنه لا يرث من مات من أقاربه عقب هذه الحالة ولا يملك صيدا دخل في يده عقبها ولا مانع من التزام ذلك .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : جان ) أشار به إلى أن الرجل ليس بقيد رشيدي ( قوله إلى حركة مذبوح ) ، ولو شرب سما انتهى به إلى حركة مذبوح فالظاهر أنه كالجريح عميرة ا هـ سم على منهج ع ش ( قول المتن بأن لم يبق إبصار ونطق إلخ ) والحياة التي يبقى معها ما ذكر وهي المستقرة ويقطع بموته بعد يوم أو أيام هي التي يشترط وجودها في إيجاب القصاص دون المستمرة وهي التي لو ترك معها لعاش مغني ونهاية .

                                                                                                                              ( قوله : قيل ) إلى المتن في النهاية ( قوله إن علم ) أي من خط المصنف أو الرواية عنه وقوله تنوين الأولين هما إبصار ونطق ع ش ( قوله : حملناه ) أي كلام المصنف ( قوله : تقديرا للإضافة ) الأولى جعله بمعنى اسم الفاعل حالا من النون ويجوز جعله علة لعدم التنوين ( قول المتن فالأول قاتل إلخ ) وظاهر إطلاقهم عدم الضمان على الثاني أنه لا فرق بين كون فعل الأول عمدا وكونه خطأ أو شبه عمد بل عدم الفرق بين كونه مضمونا وكونه غير مضمون كما لو أنهاه سبع إلى تلك الحالة فقتله آخر ع ش ، وقد يفيد ذلك ما مر آنفا عن المغني والنهاية .

                                                                                                                              ( قوله : ومن ثم أعطي حكم الأموات إلخ ) قضيته جواز تجهيزه ودفنه حينئذ وفيه بعد وأنه يجوز تزويج زوجته حينئذ إذا انقضت عدتها كأن ولدت عقب صيرورته إلى هذه الحالة وأنه لا يرث من مات من أقاربه عقب هذه الحالة ولا يملك صيدا دخل في يده عقبها ولا مانع من التزام ذلك انتهى سم أقول ولا بعد أيضا أنه تقسم تركته قبل موته ع ش وحلبي عبارة المغني وحالة المذبوح تسمى حالة اليأس وهي التي لا يصح فيها إسلام ولا ردة ولا شيء من التصرفات وينتقل فيها ماله لورثته الحاصلين حينئذ لا لمن حدث ، ولو مات له قريب لم يرثه ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن ويعزر الثاني ) أي فقط ع ش ( قوله : لهتكه حرمة ميت ) الأفصح في مثله التخفيف بخلاف الحي فإن الأفصح فيه التشديد ومنه قوله تعالى { إنك ميت وإنهم ميتون } ع ش ( قوله وأفهم إلخ ) أي بالأولى وقوله فهو معه إلخ انظر هل يترتب عليه غير ما يترتب على الأول ( قوله : ومنه ) أي من الواصل إلى حركة مذبوح ( قوله : ما لو قد ) أي شق رشيدي ( قوله : بعض أحشائه ) أي أمعائه ع ش ( قوله : كطلب من إلخ ) عبارة المغني حكى ابن أبي هريرة أن رجلا قطع نصفين فتكلم واستقى ماء فسقي وقال هكذا يفعل بالجيران ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ذلك ) أي الوصول إلى حركة مذبوح ( قوله : ليس عن روية إلخ ) بل يجري مجرى الهذيان الذي لا يصدر عن عقل صحيح ولا قلب ثابت مغني ( قوله وصريحها ) أي عبارة الأنوار ( قوله على أن قوله ) أي الأنوار .

                                                                                                                              ( قوله ويرجع ) إلى الفرع في المغني وإلى [ ص: 394 ] الفصل في النهاية .

                                                                                                                              ( قوله : في وصوله لها ) أي إلى حركة مذبوح مغني .

                                                                                                                              ( قوله : إلى عدلين إلخ ) فلو لم يوجدا أو تحيرا فهل يقال بالضمان ؛ لأنه الأصل أو لا فيه نظر ويحتمل أن يقال تجب دية عمد دون القصاص ؛ لأنه يسقط بالشبهة ع ش ( قول المتن إليها ) أي حركة مذبوح مغني ( قول المتن بعد جرح ) أي من الأول مغني قال ع ش الجرح هنا بفتح الجيم ؛ لأنه مثال للفعل والأثر الحاصل به جرح بالضم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لقطعه أثر الأول إلخ ) عبارة المغني فعليه القصاص أي أو الدية الكاملة ؛ لأن الجراح إنما يقتل بالسراية وحز الرقبة بقطع أثره ولا فرق بين أن يتوقع البرء من الجراحة السابقة أو يتيقن الهلاك بها بعد يوم أو أيام ؛ لأن له في الحال حياة مستقرة ، وقد عهد عمر رضي الله تعالى عنه في هذه الحالة وعمل بعهده ووصاياه ا هـ وقوله ولا فرق إلخ في شرح الروض مثله ( قوله : وإن علم أنه ) أي أن الأول رشيدي أي جرحه ( قوله : كأن قطع إلخ ) عبارة الروض وإن جرحا جرحا يقتل غالبا كأن قطع أحدهما الساعد والآخر العضد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو أجافاه ) من الإجافة .




                                                                                                                              الخدمات العلمية