( ولا يحرم [ ص: 83 ] لأن { جمع الطلقات ) الثلاث عويمر العجلاني لما لاعن امرأته طلقها ثلاثا قبل أن يخبره صلى الله عليه وسلم بحرمتها عليه } رواه الشيخان فلو حرم لنهاه عنه ؛ لأنه أوقعه معتقدا بقاء الزوجية ، ومع اعتقادها يحرم الجمع عند المخالف ، ومع الحرمة يجب الإنكار على العالم ، وتعليم الجاهل ، ولم يوجدا فدل على أن لا حرمة ، وقد فعله جمع من الصحابة وأفتى به آخرون ، وقيل : يحرم ذلك أما وقوعهن معلقة كانت أو منجزة فلا خلاف فيه يعتد به ، وقد شنع أئمة المذاهب على من خالف فيه ، وقالوا : اختاره من المتأخرين من لا يعبأ به فأفتى به واقتدى به من أضله الله وخذله ، وأما خبر عن مسلم { ابن عباس وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر واحدة ثم قال قال عمر إن الناس قد استعجلوا ما كانوا فيه على أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم } فجوابه أنه فيمن يفرق اللفظ فكانوا أولا يصدقون في إرادة التأكيد لديانتهم فلما كثرت الأخلاط فيهم اقتضت المصلحة عدم تصديقهم وإيقاع الثلاث عليهم قال كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم السبكي كالمصنف هذا أحسن الأجوبة انتهى ، وهو عجيب .
فإن صريح مذهبنا تصديق مريد التأكيد بشرطه ، وإن بلغ في الفسق ما بلغ بل قال بعض المحققين : أحسنها أنهم كانوا يعتادونه طلقة ثم في زمن عمر استعجلوا وصاروا يوقعونه ثلاثا فعاملهم بقضيته ، وأوقع الثلاث عليهم فهو إخبار عن اختلاف عادة الناس لا عن تغير حكم في مسألة واحدة انتهى ، وأنت خبير بعدم مطابقته للظاهر المتبادر من كلام عمر لا سيما مع قول الثلاث إلى آخره فهو تأويل بعيد لا جواب حسن فضلا عن كونه أحسن ، والأحسن عندي أن يجاب بأن ابن عباس عمر لما استشار الناس علم فيه [ ص: 84 ] ناسخا لما وقع قبل فعمل بقضيته ، وذلك الناسخ إما خبر بلغه أو إجماع ، وهو لا يكون إلا عن نص ، ومن ثم أطبق علماء الأمة عليه ، وإخبار لبيان أن الناسخ إنما عرف بعد مضي مدة من وفاته صلى الله عليه وسلم قال ابن عباس السبكي وابتدع بعض أهل زمننا أي ابن تيمية ، ومن ثم قال العز بن جماعة : إنه ضال مضل فقال : إن كان لم يجب به إلا كفارة يمين ، ولم يقل بذلك أحد من الأمة ، ومع عدم حرمة ذلك هو خلاف الأولى من التفريق على الأقراء أو الأشهر ليمكن تدارك ندمه إن وقع برجعة أو تجديد وخرج بقولنا : الثلاث ما لو التعليق بالطلاق على وجه اليمين فإنه يحرم كما هو ظاهر كلام أوقع أربعا ابن الرفعة ومما يصرح به قول الروياني إنه يعزر واعتمده الزركشي وغيره ويوجه بأنه تعاطى نحو عقد فاسد ، وهو حرام كما مر ونوزع في ذلك بما فيه نظر